فرق شاسع بين وضع تشكيل منتخب مصر الكروى، وبين تشكيل جمعية إعداد الدستور، ومع ذلك يبدو أن قواعد تشكيل المنتخب أكثر منطقية واحتراما من آلية انتقاء أعضاء جمعية الدستور.
ولعل هذا ما دفع اللاعب محمد أبوتريكة للاعتذار عن عدم الانضمام لمعسكر كتابة الدستور، احتراما لنفسه أولا، وللجمهور والدستور ثانيا، ذلك أننا لم نسمع عن تشكيلة منتخب تقوم على معيار الكثرة، أو القرابة، أو الانتماء لأغلبية جماهيرية، أو المحاصصة على أساس الموقع من جدول الدورى العام.
فالثابت أن التشكيل الموضوعى يعتمد على الكفاءة أولا، وعلى تمثيل كل مصر فى فريق العمل، فلم يحدث على سبيل المثال أن النادى الأهلى، كونه صاحب الرصيد الأكبر من البطولات، يتحكم فى وضع تشكيل الفريق القومى، أو تخصص له حصة نصيب الأسد فى عناصر التشكيل لمجرد أنه المتصدر.
وليس معنى أن تكون لاعبا فى الأهلى أن تصبح بالضرورة ضمن تشكيل المنتخب، حتى لو كان رئيس اتحاد الكرة والمدير الفنى والمدرب العام من المنتمين للأهلى.. ولا يعنى أن تنتسب لقاطنى المركز الثانى فى البطولات المحلية أن تكون ممثلا بالنسبة ذاتها والترتيب ذاته فى الفريق القومى، وإلا كنا كمن يطلق الرصاص على معايير التفوق والتميز والكفاءة، والأجدى فى هذه الحالة أن نغير مسمى المنتخب القومى، إلى منتخب الأهلى والإسماعيلى.
إن واحدا أو اثنين أو ثلاثة من حزب الأغلبية يكفيان للتعبير عن فكر الحزب والجماعة التى يعبر عنها سياسيا فى دستور مصر، والأمر ذاته ينطبق على التيار السلفى، أو التيارات الليبرالية واليسارية، وهو ما يسرى على النقابات ومنظمات المجتمع المدنى والجامعات، وتجمعات العمال والفلاحين.
أما أن يكون الدخول إلى عضوية الجمعية التأسيسية معتمدا على مقاييس القوة والمغالبة، ومنطق الشلة، فهذا ما لا يصنع تشكيلا حقيقيا لمجموع العناصر المكونة للأمة المصرية، لأن التفاعل هنا لن يكون وفقا لمعادلة كيميائية سليمة، أو منهج علمى منضبط، بل سيكون مؤسسا على رغبة مستعرة فى التحكم بالنتائج، بصرف النظر عن مدى صحتها وملاءمتها وتعبيرها عن الواقع.
غير أننا ابتلينا بصنف من البشر يحتقرون العلم، ويهينون السياسة والتاريخ والمنطق، ويمارسون الدجل باعتباره قمة العلوم، ويستبدلون الشعوذة بالطب والكيمياء.
إن تركيبة جزىء الماء تعتمد على ذرة واحدة أكسجين واثنتين هيدروجين، لكن هناك من يريد العبث بنسب مكونات هذه المعادلة ويتصور أن زيادة نسبة الهيدروجين على حساب الأكسجين من الممكن أن تعطيه نوعه المفضل من الماء، غير عابئ بكارثية النتائج المحتملة.
ويبقى أن دستورا يكتب على طريقة «الكثرة تغلب الكفاءة» ويغيب عنه قانون التنوع الطبيعى سيكون دستورا فئويا، شلليا، مصبوغا بألوان صناعية، فرضتها القوة وليس الحق.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire