فراج إسماعيل نشر في المصريون
يعبر الشعب المصري بالنكتة عن موقفه السياسي حتى وهو قادر على التعبير عنه صراحة في الشوارع والميادين ومواقع التواصل الاجتماعي والصحف والمحطات التليفزيونية دون الاضطرار لكتابة اسم مستعار.
طبعًا أدين ضرب الدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد واعتبره عملًا همجيًا لا يليق مع معارض عادي، فما البال إذا كان هذا المعارض يرأس حزب الوفد الذي يمثل قيمة كبيرة في الحياة الليبرالية المصرية.. لكن هذا في الواقع يمثل نموذجًا لكمية العنف التي تترسخ في الشخصية المصرية وتخلط بين المعارضة السياسية والخلاف في الرأي والفكر، وهنا على زعماء المعارضة ورموزها واجب كبير في ترسيخ أهمية أن معارضة الحكومة أو الرئيس لا يعني أن تحرق الأخضر واليابس وأن تحرض أو تتفرج على السلوك الهمجي الذي رأيناه في الأسبوع الماضي عندما اندفع الغوغاء لحرق مقار حزب الحرية والعدالة واعتلائها وسرقة محتوياتها.
عندما سئل زعماء المعارضة عن ذلك وآخرهم حمدين صباحي ردوا بأنهم يدينونه إلا أنهم استدركوا بأن الذين حرقوا المقار ينتمون للشعب وليس لأحزاب وقوى سياسية، ومعنى ذلك أن هناك غضبًا شعبيًا على حزب الحرية والعدالة وبات الشعب يعتبره نسخة من الحزب الوطني الحاكم في عهد مبارك.
الأمر هنا لا يخلو من تحريض مستتر وتملص في الوقت نفسه من المسئولية، وينم عن غياب الخلق السياسي وقواعد المنافسة الشريفة، فحتى في رياضات الملاكمة والمصارعة لا يمكنك أن تهزم خصمك بضربه في أماكن يحرمها قانون اللعبة.
في أجواء كهذه يختلط الحابل بالنابل، ويصير ضرب السيد البدوي على قفاه مثل حرق مقر للحرية والعدالة ونهبه، ويظل الناس يضحكون من أول نكتة الراجل اللي وراء عمر سليمان إلى الراجل اللي ضرب "قفا" السيد البدوي، فيتحول مشهدنا السياسي كله إلى الهزل في موضع الجد.
لا نستغرب إذن أن يكون الضرب والعنف منتج المتفكهين السياسيين الذين هم في الأصل زعماء معارضة أو إعلاميون كبار. أحدهم يقول عن الرئيس مرسي في مقابلة تليفزيونية "هذا الشخص" وفي تعبير آخر "رئيسهم". لك أن تتخيل حجم الكارثة إذا عرفت أنه يرأس وحدة للديمقراطية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية!
ما الفرق في السلوك بين ضارب البدوي على قفاه وبين فداحة اللفظ في كلام باحث استراتيجي؟!.. لا فرق.. كلاهما يضرب من الخلف، ما عدا أن الأول ولى الفرار وكان ملثمًا، بينما الثاني كان على الهواء في قناة الجزيرة.
ما نراه على الساحة الآن أمطار سياسية ملوثة بعادم القول والفعل. ديمقراطية على هذا النحو هل تقدم وطنًا مستقرًا ينشد علاج مشكلاته المتجذرة؟!
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire