lundi 26 mars 2012

حرب البيانات : بدأتها الإخوان وتبعها العسكري والدستورية تدخل علي الخط

image

في الأيام القليلة الماضية توالت بيانات الإخوان والمجلس العسكري والدستورية العليا‏,‏ التي اتهمت فيها الجماعة المجلس بإجهاض الثورة والعمل علي تزوير الانتخابات الرئاسية والاستفتاء علي الدستور‏, والإبقاء علي حكومة الجنزوري, وغيرها من الاتهامات التي وصفها بيان العسكري بأنها افتراءات, ورفضتها أيضا المحكمة الدستورية العليا التي وصفت بيان الإخوان بأنه مخطط يستهدف النيل من مصداقية المؤسسات المرجعية بالمجتمع المصري.
هذه البيانات اعتبرها الكثيرون مؤشرا لتوتر العلاقة بين الإخوان والعسكري, ويري آخرون أنها بداية صدام, بينما يعتبرها البعض سيناريو هدفه التمويه!
لكن ما هي الحقيقة؟
بداية, يري المستشار محمد إبراهيم خليل نائب رئيس محكمة النقض, أنه يجب علي المصريين جميعا أن يتفهموا أن الوطن في خطر ومعرض لانهيار اقتصادي وأمني وشرذمة في التجمعات, ربما يؤدي الي تقطيع أوصال الوطن وإثارة الفتنة بين التكتلات والمستفيد الوحيد هو فلول النظام السابق.
ويضيف المستشار محمد إبراهيم خليل, أن حكومة الجنزوري لم تنجح في قيادة السفينة برغم منحها سلطات رئيس الجمهورية, فالمشكلات تتفاقم يوما بعد آخر ولا تواجهها الحكومة بما يحل هذه المشكلات ويعيدها الي الوضع الطبيعي, كذلك الأمن مازال مضطربا وازداد عنف الخارجين علي القانون ليطول رجال الشرطة فيردوا منهم كل يوم قتيلا فضلا عن آخرين مصابين, هذا يجب أن تواجهه الحكومة سياسيا لتقطع السبيل علي الخارجين علي القانون وفلول الحزب الوطني وادارتهم للمعركة سواء من داخل السجون أو من خارجها أو من خارج البلاد.
ويطالب نائب رئيس محكمة النقض الحكومة, بأن تعلن عن أسباب المشكلات كما تراها وتضع الحلول لإعادة الأمور الي نصابها لأن الاحتياطي النقدي يتهاوي يوما بعد يوم, ونحن ننتظر الرحمة من العرب والدول المانحة, ولاشك ان الأمر يقتضي مصارحة وشفافية وإعلانا لما في الصدور والنفوس, وأن يدلي كل فريق برؤيته للأمور ويكشف هدفه من تصرفاته ليتدارس الجميع, لا بالتهديد ولا بالعويل ولا بالقول بوجود دعوي بطلان لانتخابات مجلسي الشعب والشوري لعدم دستورية الانتخابات بالقوائم, فهذا أمر من حق كل مواطن أن يثيره وأن يطرحه علي القضاء, وهو هنا المحكمة الدستورية العليا, ولا يعني مشاركة أحد أعضائها في اللجنة التي أفرزت نظام الانتخابات بالقائمة منع هذا الحق لأن الأمر في النهاية مرجعه الي منصة عالية يجب أن يتجرد كل الجالسين عليها من فكر سابق معلن علي أي وجه ولا يجب أن يعالج هذا الأمر الخطير بالصورة التي نراها الآن.
مخطط للنيل من الدستورية
أما المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا, فتري أن بيان جماعة الإخوان المسلمين يتضمن مخططا للنيل من مصداقية مؤسسات المرجعية في المجتمع المصري وفي مقدمتها المحكمة الدستورية العليا, مشيرة الي أن الإخوان المسلمين لا يعلمون أن المحكمة الدستورية العليا في مصر عبر أجيال امتدت ل40 عاما من القضاء الدستوري سطرت بحروف من نور عبر حكامها حماية للحقوق والحريات العامة في مصر, وكانت سندا للشعب في ثورات الاستبداد في أحكامها التي حصنت مبادئ المساواة أمام القانون والعدالة الضريبية والضمان الاجتماعي وتحصين الحقوق الاجتماعية والشخصية للمواطن المصري, ولم تعبأ بأي سلطات وكانت أحكامها حيث تقضي بعدم الدستورية في مواجهة كل سلطات الدولة تردها الي مبادئ الدستور القومية.
وتؤكد المستشارة تهاني الجبالي, أن المحكمة الدستورية العليا هي الثالثة عالميا لدي الأمم المتحدة في مجال حماية الحقوق والحريات العامة, وتأثير أحكامها علي تطوير الأوضاع السياسية والاقتصادية والثقافية ووضع الأطر الضامنة لها وهي بذلك تتحدث عن نفسها من خلال عملها ويكفي أنها في مجال الحقوق السياسية للمواطنين ضمنت حقهم في المساواة وحماية حق الانتخاب لما ترتب عليه حل البرلمان مرتين خلال النظام السابق ورموزها لا تنسي وهو ما يرده علي هذا الافتراء الذي ورد في بيان جماعة الاخوان المسلمين التي وصلت لحد الكذب علي التاريخ في مواجهة رموز هذه المحكمة التي طالت جباههم السماء جيل وراء جيل ويكفي أن نذكرهم بالدكتور عوض المر والدكتور فتحي نجيب وغيرهم من الأجيال المتتالية.
وتؤكد المستشارة تهاني الجبالي, أن الاستقرار للمبادئ التي أسستها المحكمة الدستورية العليا بما قد يعرقل بعض مشاريع وأفكار جماعة الاخوان المسلمين لمصر غير التي تعرضها, وبالتالي فإن هذا البيان افصاح عن عداء للمؤسسة المرجعية الدستورية في الدولة المصرية بادعاء أنها يمكن أن تتأثر بتدخل من أي سلطة أيا كانت. وتساءلت نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا: من هي جماعة الاخوان المسلمين؟ وتحت أي قانون في مصر تندرج كي تتطاول علي المؤسسات الدستورية!مشيرة الي أن هذا جزء من الاستعلاء الذي يمارس في هذه المرحلة من بعض القوي التي أطلقت الثورة صراحها, وبالرغم من هذا لم تحترم المسئولية باتجاه حماية أدوات الدولة المصرية وتحاول تسييد دولة واقع مخالفة.
موقف صعب
أما الدكتور جعفر عبدالسلام نائب رئيس جامعة الأزهر أستاذ القانون الدولي, الأمين العام لرابطة الجامعات الاسلامية, فيقول نحن في موقف صعب بسبب وجود المجلس العسكري في السلطة والكل يريده أن يرحل وهو يمسك بتلابيب السلطة ويناور بأساليب عديدة لكي يبقي, ووزارة الدكتور الجنزوري هو الذي كلفها بمهام السلطة التنفيذية وهي تابعة له وترفض الرضوخ لرقابة المجلس التشريعي برغم أن صلاحياته الرقابة والتشريع, كما رفضت أن تستقيل برغم الفشل الذريع في حل أي مشكلة, وبرغم أن مصر مرت بفترات مظلمة وشائكة جدا أذكر منها الانفلات الأمني الذي مازال ساريا في البلاد, وأزمة الوقود التي تتزايد يوما بعد يوم بكارثة حيث إنها تؤدي الي مشكلات في الانتاج والحركة بين المدن.
ويري الدكتور جعفر عبدالسلام, أن جماعة الاخوان المسلمين مازالت تعتبر نفسها سلطة فوق السلطات ولهجة البيان الذي أصدرته تدل علي ذلك, فهي تحمل المجلس الأعلي للقوات المسلحة عواقب فشل حكومة الجنزوري وعدم رحيلها برغم الفشل السائد في الدولة وبرغم أنها لا توجد لها سلطات حقيقية.
حقيقة ان الاخوان لها حزب مسئول وكنت أتصور أن يتحدث الحزب السياسي وهو بالفعل لاعب سياسي الآن في شكل اللجنة التأسيسية وواضح استحواذه علي جميع السلطات في الدولة, ومع ذلك تأتي الجمعية الدعوية من فوق كل ذلك لتحميل المجلس الأعلي للقوات المسلحة المسئولية في فشل الحكومة, بل وتهدد باتخاذ تدابير ضد الحكومة وهيئات الحكم التي تكونت الآن, وهذا كله يؤكد أن المشهد السياسي به تخبط والحل يتمثل في وجود خريطة طريق تتمثل في أن تمارس كل سلطة اختصاصاتها ولا تدخل في أعمال السلطات لأخري, وأن تتضمن هذه الخريطة نقاطا محددة هي:
أولا: سلطة المجلس الأعلي لا شأن له بالحكم ويجب أن تقتصر مهمته علي الدفاع عن الأمن الخارجي لأننا لا نعرف دستورا يعطي للجيوش حق ادارة البلاد وممارسة انشطة اقتصادية تجعله يحوز جزءا كبيرا من أموال الشعب ويمن عليه بين الحين والآخر بتسليفه كميات منها لمواجهة الأزمات.
ثانيا: السلطة التنفيذية, تتولاها الحكومة وينبغي أن تكون بيد مجموعة من الشباب الأقوياء إعمالا لقوله تعالي إن خير من استأجرت القوي الأمين, وقال القرآن الكريم عن جالوت إن الله قد اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم( سورة البقرة), وأن يعطي المجلس جميع الصلاحيات لمن يتولي المسئولية والعمل التنفيذي وكبار السن يمكن أن يكونوا خبراء ومستشارين ولايملكون سلطات تنفيذية فعلية.
ثالثا: السلطة القضائية, وهي يجب أن تكون مستقلة استقلالا فعليا وبمنأي عن أي تدخل فعلي في شئونها بل يجب اعمال مواد القانون التي تعاقب بشدة علي أي تدخل في أعمال السلطة القضائية.
رابعا: الشعب وهو المنوط به القيام بسلطة الرقابة السياسية والمالية بجدية ولابد في اطار الرقابة الشعبية أن تضع في أجندتها استعادة أموال المصريين.
أداء غير مرض
ويري المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي القضاة الأسبق, أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة يزج بالجيش في أتون معارك سياسية, وهو لا خبرة له في الادارة المدنية ولا بالعمل السياسي, ولذلك فأداء المجلس جاء علي غير ما يتمناه له وهو ما يجدد الطلب بوجود مجلس رئاسي مدني دائما, الي جوار المجلس لإدارة البلاد سياسيا, مشيرا الي أنه لو كان المجلس قد استمع الي الآراء السديدة والنيرة التي قدمت له لجنب البلاد الكثير من المشكلات التي نحن بصددها الآن.
وقال المستشار زكريا عبدالعزيز, أستنتج من بيان الاخوان أنه تم تهديد رئيس مجلس الشعب في حالة اصراره علي سحب الثقة وأن ترحل حكومة الجنزوري, مؤكدا أن هذا الأمر يؤدي الي تفكيك مؤسسات الدولة, مستشهدا بما حدث منذ أيام قليلة بقضية التمويل الأجنبي علي أن هناك تدخلا في السلطة القضائية والتنفيذية, والآن هناك تهديد للسلطة التشريعية مستخدمين القضاء الدستوري.
بيان غير جاد
يري أبوالعز الحريري المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية, أن بيان الاخوان المسلمين غير جاد لأنهم هم الذين رحبوا بالدكتور كمال الجنزوري, مخالفين القوي الثورية واعتدوا علي المتظاهرين الذين هتفوا ضد المجلس العسكري ومن ثم فهي خناقة مفتعلة لأن الاخوان يعلمون أنهم لن يستطيعوا سحب الثقة من حكومة الجنزوري لأن المجلس الأعلي للقوات المسلحة مسجل من المخالفات الانتخابية ما يجعله قادرا علي الدفع بما لديه بواسطة أي محرك الي القضاء, وتنتهي عضوية حزب الحرية والعدالة وكذلك حزب النور السلفي, بالاضافة الي القضايا المرفوعة أمام مجلس الدولة بخصوص ابطال مجلس الشعب, بالاضافة الي العوار الموجود في المادة28 من الاعلان الدستوري والمطعون فيها أمام القضاء الإداري بمجلس الدولة.
ويري أبوالعز الحريري أن الاخوان أوقعوا الوطن في دوامة من البطلان الدستوري والقانوني, ولم يعد هناك حل إلا بحل مجلسي الشعب والشوري ووقف الانتخابات الرئاسية وإصدار إعلان دستوري آخر صحيح دستوريا وقانونيا يمكن من خلاله إعادة بناء مؤسسات الدولة علي أسس صحيحة.

الأهرام اليومي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire