طرح عصام سلطان القيادى فى حزب الوسط وعضو مجلس الشعب المنتخب، مبادرة تقضى بتعجيل تسليم المجلس العسكرى للسلطة، مقابل عدم مُساءلة قياداته عن أي أخطاء أثناء المرحلة الانتقالية أو خلال عهد الرئيس السابق حسني مبارك.
ويرى الكثيرون أن المجلس العسكري يشعر بالقلق كلما اقتربت البلاد من موعد تسليم السلطة, خوفا من تعرض قيادات العسكري للمحاسبة على بعض الأخطاء التي قد يكون العسكري ارتكبها خلال إدارته للمرحلة الانتقالية أو أثناء حكم الرئيس لسابق حسني مبارك.
فيما يعتبر آخرون أن العسكري لن يتخلى عن السلطة بسهولة وبغير ضمانات تكفل عدم محاسبة قياداته، مرجعين معظم الأخطاء التي وقع فيها أثناء إدارة المرحلة الانتقالية لهذا السبب.
وأوضح سلطان في تصريحات خاصة لـ"بوابة الوفد"، أن هناك هواجس تسيطر على المجلس العسكري خوفا من تعرض قياداته للمحاكمة على الشهداء الذين سقطوا خلال المرحلة الانتقالية جراء الصدام بين المعتصمين وقوات الشرطة والشرطة العسكرية.
وأضاف سلطان: "الحل يكمن في إعطاء المجلس العسكري ضمانات بعدم التعرض لقياداته مقابل الإسراع في تسليم السلطة ووقف نزيف الدماء".
وتابع : "وتأتي هذه الضمانات من خلال إصدار البرلمان المقبل تشريعا بعدم مساءلة قيادات المجلس العسكرى حول أى أخطاء لطمأنة العسكرى وجعل هذا التعهد إلزميا".
وكشف سلطان أن المبادرة التي طرحها لها صدى كبير في أوساط القوى السياسية، رافضا الكشف عما إذا كانت هذه المبادرة عرضت على العسكري.
ومن جانبه، انتقد الدكتور يسري حماد المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي هذه المبادرة، مشيراً إلى أن مَن طرحها يتحدث بلغة تعالٍ غير مقبولة.
وأضاف حماد في تصريحات خاصة لـ"بوابة الوفد": "هذه المبادرة تدفع العسكري إلى الشعور بأنه ُمدان"، مشددا على أن هذه المبادرة تُهدر كرامة الجيش المصري.
وأوضح أن أسلوب عرض المبادرة مرفوض لكون مَن طرحها يتصور أنه يمتلك محاسبة قيادات المجلس العسكري " وهذا أمر مرفوض" بحسب قوله ، مطالبا باحترام الجيش المصري الذي حمى ثورة 25 يناير.
وعن إمكانية محاسبة قيادات المجلس العسكري حول بعض الأخطاء التي قد يكون وقع فيها، شدد رئيس حزب النور على أن الشعب المصري يحترم جيشه ويحترم قياداته، مستبعدا إقدام البرلمان المقبل بعد استكمال انتخابه على محاكمة الجيش.
وحول الآلية المثلى التي يراها النور لتسليم السلطة، أشار إلى أنه لا يمكن انتخاب رئيس جمهورية قبل وضع دستور جديد للبلاد، منوهاً بأن انتخاب رئيس بنفس صلاحيات الرئيس السابق حسني مبارك يعني خلق ديكتاتور آخر.
وكشف حماد تفضيل "النور" لنظام الحكم البرلماني، وقال "إذا كنا نريد التعجيل بنقل السلطة فعلى القوى السياسية أن تبلور صلاحيات انتخاب رئيس الجمهورية وتعرضها على العسكري لإصدار إعلان دستوري بهذا الخصوص".
وفي إطار متصل، أوضح الدكتور محمد جمال حشمت عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، أن الإخوان هم أول من تحدثوا عن الخروج الآمن للمجلس العسكري، مشيرا إلى أن مبادرة مثل هذه يجب تفعيلها تحت قبة البرلمان.
وأكد حشمت وجود مخاوف لدى المجلس العسكري بشأن محاكمة قياداته، مشيرا إلى ضرورة تحلى القوى السياسية بالشجاعة وطرح مبادرة مثل هذه لتفادي المزيد من سفك الدماء.
ودعا حشمت نواب مجلس الشعب إلى التوافق حول الخروج الآمن للعسكري، لافتاً إلى ضرورة عرض ذلك على العسكري بصورة لا تضعه في موضع المدان.
ونوه حشمت بأن الإشكالية الكبرى تتعلق بميزانية القوات المسلحة، مشدداً على تفعيل مجلس أمن قومى لمناقشة قرارات الحرب والسلام وتحريك الجيوش لإنهاء هذه الأزمة.
وأضاف: "أما عن الميزانية العسكرية فهي أمر متعلق بالتشريعات والقوانين ويجب مناقشته في البرلمان داخل اللجان المتخصصة في سرية"، لافتاً إلى أن هناك مخاوف لدى بعض الأطراف حول وجود عمليات نهب سيتم فضح القائمين عليها.
وقال عضو الهيئة العليا للحرية والعدالة "أي عمليات نهب يجب وقفها"، مؤكدا أن ذلك ليس على صعيد القوات المسلحة فقط وإنما في جميع مؤسسات الدولة.
فيما اعتبر الدكتور عماد جاد نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أسلوب عرض المبادرة خاطئا وسيتسبب في نتائج عكسية، موضحاً أن مبادرات مثل هذه يجب عرضها وراء الغرف المغلقة.
وأضاف جاد عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي: "بالفعل هناك مخاوف لدى العسكري من مساءلته على أخطاء وقع فيها أثناء إدارته للمرحلة الانتقالية أو خلال عهد مبارك"، مشيرا إلى أن إنهاء حالة الخوف لدى قيادات العسكري حول عدم المساءلة لا تكون من خلال مبادرة معلنة أمام الرأي العام.
وتابع: "إعلان مبادرة مثل هذه على الرأي العام تعني أن العسكري مدان وأن القوى السياسية التي تسعى للحكم ستصدر صَكا بالعفو عنه وهو ما سيدفع العسكري إلى الاعتزاز بالإثم وإعلان استعداده للمحاكمة عن أي أخطاء وهو ما ينظر بتمديد المرحلة الانتقالية واستمرار البلاد في حالة الفراغ السياسي التي تعيشه الآن".
وأشار جاد إلى أن مبادرة مثل هذه يجب طرحها خلف الأبواب المغلقة وليس على شاشات التلفزيون أو المواقع الإخبارية حفاظا على كرامة قيادات المجلس العسكري وكرامة الجيش المصري.
هذا فيما أكد الدكتور عمرو هاشم الخبير المتخصص في الشؤون المصرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن القضية ليست محاسبة قيادات الجيش على بعض الأخطاء التي قد يكونون وقعوا فيها، مشيرا إلى أن المجلس العسكري على ثقة في أن القوى السياسية الصاعدة سواء الإسلامية أو المدنية لن تُقدم على خطوة كمحاكمة المشير أو أي من قيادات المجلس.
وأوضح هاشم مدير برنامج التحول الديمقراطي بمركز الأهرام أن الإشكالية الحقيقية التي تثير قلق المجلس العسكري متمثلة في إدارة شؤون القوات المسلحة، مشيرا إلى أن قَناعة العسكري نابعة من رفضه تَّدخُل أي مدني مهما كانت سُلطته في إدارة شؤون الجيش.
ولفت إلى تأكيد أطراف في التيار الإسلامي للمجلس العسكري أنها لن تتدخل في شؤون القوات المسلحة ، موضحا أن هذا الطرف يحاول الآن التنصل من تعهداته بدافع النجاحات التي حققها في لانتخابات البرلمانية خلال المرحلة الأولى والثانية.
وتوقع الخبير الاستراتيجى أنه إذا ما استمر الفصيل الإسلامي على عناده ومحاولة تنصله من التعهدات التي قطعها على نفسه للعسكري فإن صدامه بالجيش واقع لا محالة، مشيرا إلى أن سيناريو 1942 عندما حاصرت دبابات الجيش قصر عابدين سيتكرر ولكن هذه المرة سيحاصر الجيش مقر البرلمان.
وقال مدير برنامج التحول الديمقراطى "بالتأكيد إن المجلس العسكري لن يتنازل عن استقلالية القوات المسلحة وعدم تدخل أي مدني في شؤون الجيش المصري"، مشيرا إلى أن الحل يكمن في مجلس للدفاع والأمن القومي يضمن عسكريين ومدنيين منتخبين يكون مختصا بشؤون القوات المسلحة.
اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire