lundi 21 mai 2012

أحمد عفيفي يكتب: رسالة إلى أحمد شفيق.. لو بتحب مصر بجد.. اخلع!



لم أتصور أن مقالي السابق " سيادة الفريق شفيق .. عينك " حمرا " سيحظى بكل هذا الكم من القراءات والتعليقات على الدستور الأصلي والموجز ومواقع أخرى كثيرة .. فوق الـ 200 تعليق .. وهذا الأمر يُسعدني بالطبع ككاتب .. أن أرى لما أكتبه صدى وتأثيرا ، سواء أعجبت كتاباتي البعض آو أغضبتهم .. فلست بفكهاني أذوّق بضاعتي لأبيع ، وأعرض ما يعجب الزبون .. لكنني أكتب ما يوافق فكري وقناعاتي ، ان شالله ماعجبت حد .. ولو عرّضتني لاستقبال كم من الشتائم تنوء بها الجبال .. ولا أظن أن أحدا يسعد حين يتعرض للسباب .. لكن يغضبني أكثر أن أميل مع الرايجة واطبل وازمر وارقص عشرة بلدي عشان أعجب الكبير .. ان شالله الكبير ماعجبه .. كفاية الأراجوزات التانية في كل حتة.

وأعود إلى المقال السابق ، ومن التعليقات نلمس - لو حنمشي بشكل إحصائي - مدى التهاب الشارع ، لو نجح شفيق وأصبح رئيسا .. فالـ 200 تعليق منها فقط 4 ضدي ومع شفيق ، و196 ضد شفيق ومعايا .. ولو عرفنا أن متابعي المواقع الإخبارية ، الأغلبية العامة منهم شباب، وذلك من لغتهم في التعليق ، لعرفنا أن شفيق مرفوض من عصب الأمة وعمودها الفقري .. محدش يضحك ويتهمني بالعته لمجرد بناء حكم على 200 واحد علّقوا على المقال .. هم مجرد عينة تعكس اتجاهات عامة.. مثلها مثل استطلاعات المراكز المتخصصة في ترشيحات المتقدمين للرئاسة .. بل بالعكس ربما التعليقات العفوية أكثر صدقا من نوايا واتجاهات بعض هذه المراكز التي تحاول أن تجعل الدفة تميل لشخص بعينه.

المهم.. ومع أنني واثق في عدم ارتياح الشارع المصري لترشح شفيق ، حيث أن مجرد ترشحه ينافي المنطق والعقل ، إلا أنني اخشي أن يحدث شيء ما في حسباننا جميعا ، يجعل شفيق الأول في الانتخابات ، وربما حتى بدون إعادة .. وحسب الملعونة المادة " 28 " ، لا اعتراض ولا نقض ولا أى بني أدم يفتح " بقه " .. خلصت .. الشعب قال كلمته، وشد الستارة والمسرحية انتهت.

لذلك شعرت بصدق بالغ في جملة بعينها لضيف رأيته مع حسن فودة في أحد البرامج على " اون تي في " ، واسمه جمال طه ، وأظنه لواء متقاعد في القوات المسلحة من فرط ما كان يتغزل في انجازاتها حتى في تلك المرحلة الانتقالية " المنيلة بستين نيلة " ، لكنه قال شيئا واحدا بصدق بالغ مثلما قلت : لو الفريق شفيق وطني ، وبيحب مصر بجد ينسحب من الانتخابات ، لأنه الوحيد من المرشحين ، لو نجح ، فربما قامت ثورة أخرى أشد ضراوة من الأولى بعكس بقية المرشحين الآخرين البارزين منهم .. فلو نجح حمدين صباحي عادي .. أمر متوقع .. ولو أبو الفتوح ممكن .. ولو عمرو موسى رغم أنه من النظام القديم ، إلا أن له في الشارع رصيدا كبيرا لا يجعلك تشك أبدا في أى تزوير إذا ما نجح ، فهو على الأقل أكثر المرشحين خبرة ودراية بشؤون البلد داخليا وخارجيا .. ولو نجح محمد مرسي لن يستغرب أحد النتيجة ، فكلنا نعرف قدرة جماعة الإخوان على تجييش وتحفيز الناس في مثل هذه الأمور .. أى واحد من هؤلاء لن يُحدث أزمة في البلد بنجاحه .. ورغم تهديدات الإخوان لو سقط مرشحهم ، فلا أظنها جادة وهم يعرفون يقينا أن رصيدهم في الشارع بعد تجربة مجلس الشعب تضاءلت بدرجة ملفتة .. مَن إذن الوحيد اذا ما نجح ، سيثير كل أنصار هؤلاء مجتمعين ؟ .. احمد شفيق .. والإثارة هنا ليست غيظا ولا غيرة ، ولا حكاية عيل شبطان في لعبة وأخذتها منه .. لأ .. الأمر أخطر من ذلك بكثير.

أعجبنى كلام ضيف حسن فودة العاقل في هذه الجزئية تحديدا ، وبناء عليه أبعث برسالة عقلانية إلى سيادة الفريق شفيق ، لعله يقرأها بتمعن شديد ويستوعبها .. فالوقت ضيق وشديد الخطورة والحساسية .. ولا مكان الآن للمغانم الشخصية والحسابات الأخرى - انت تعرفها اكثر مني - .. مصر ملتهبة ونجاحك إذا ما حصل سيُزيدها التهابا ، حتى لو قطعنا بأنك جئت بلا تزوير، وكانت الانتخابات نزيهة بدرجة كبيرة - ومع أن هذا الافتراض المستبعد جدا - .. ان كنت تحب مصر بجد ، ورجل عسكري بجد ، وتعرف شرف الأمة ، ومن أجلها تضحي بحياتك .. انسحب وبسرعة.. وسيزيد رصيدك في الشارع أضعاف أضعاف ما تتخيله .. ستُحسب لك أنك أنقذت امة كبيرة بحجم مصر من حرب كلنا الخاسرون فيها .. وأنت أولنا .. ولا ترد على كلامي بأنني ضد العملية الديمقراطية في حال فوزك بنزاهة.. لأ .. حتى لو فزت بنزاهة ، اخلع .. فالعواقب وخيمة ولن تهنأ بالمنصب 24 ساعة .. إذا ما حدث ما نخشاه كلنا.

وهذا الكلام ليس عبيطا ولا ساذجا .. فالفاروق عمر بن الخطاب عزل خالد بن الوليد عن قيادة الجيش وهو سيف الله المسلول ، لأنه بنظرته العميقة الواعية المؤمنة - اقصد الخليفة عمر - خاف ان يُفتتن الناس بخالد ويظنون أنه وليس غيره ، القادر على قهر الأعداء .. عزله وهو يدرك تماما فروسيته ، وان مجرد ذكر اسمه يُنزل الرعب في قلوب خصومه.. لكن كان هدف عمر أعمق من مجرد غزوة يخرج منها منتصرا ومعركة يخسرها.

لا تظن أن المثال الذي ضربته بعيدا .. فأنا اقصد لو أنك حتى خالد بن الوليد ، وأنت بالطبع ليس هو ، ولا تمت له بصلة ، فارضخ للمصلحة الأعلى إن كنت تدّعي الوطنية وتفخر بشرف عسكريتك ، ومشاركتك في الحروب التي خاضتها مصر .. وتهنأ بتاريخك المشرف كرجل عسكري .. أرجوك تمعّن حكمة وحنكة الخليفة عمر - وهو من هو - من عزل قائد لا قبله ولا بعده قائد بكل الهمة والذكاء والشجاعة المحسوبة.. تعالى على نفسك يا سيدي وقلها ، وسوف نصدقك : لقد تنازلت عن ترشحي خوفا على مصلحة مصر، رغم يقيني بأنني الأصلح في هذه المرحلة .. لكنني استشعرت خطرا داهما سيحل بالبلد إذا ما نجحت ، فآثرت المصلحة العامة على المصلحة الشخصية ، لأنني وطني ومصري ، وأدرك تماما أن المنصب تكليف وليس تشريفا ، بمعنى لا مغنم شخصي من ورائه .. وكان الله في عون من سيتحمل هذا العبء الشديد في هذه المرحلة الأصعب في تاريخ مصر.

سيادة الفريق شفيق.. استحلفك بالله أولا وأعرف أنك رجل عسكري ونزيه .. وحياة مصر عندك ، وبقدر محبتك وعشقك لها ، ابتعد بإرادتك ، وسوف يذكرها لك التاريخ وتُسطّر بأحرف من نور ، أنك وخوفا على مصير أمة ، انزويت بعيدا .. لا لعدم قدرتك لقيادة الدفة .. ولكن للحفاظ على بلد ستشتعل شوارعه اذا انتهت " اللعبة " بنجاحي.
انسحب يا سيادة الفريق.. أكرم لك ولنا ولمصر .. الوقت قصير ، ولا تأخذك العزة بالإثم ، ولا تسمع لمن يقول لك : استمر .. أنت مقاتل عنيد فلا تسمح لهم بهزيمتك وتشيع الفرحة في النفوس .. هؤلاء يريدونك رئيسا لمصلحة خفية عندهم - أظنك تعرفها - فلا تغامر بمصرنا الحبيبة من أجل كرسي السلطان.
انسحب يا سيادة الفريق .. واحفظ مصر من بركة دماء سنغرق فيها جميعا.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire