jeudi 17 mai 2012

دعاء سلطان تكتب : الفريق يتحدَّى خالتى فرنسا

 

«ودى يا باشا أمن دولة واسمها ثورة».. هذه الجملة جاءت على لسان خالتى فرنسا فى واحد من أفلام الكاتب والسيناريست بلال فضل.

كانت «فرنسا» فى «خالتى فرنسا» شرشوحة تمتهن فضح الآخرين مقابل أجر، مستعينة بقاموس «ردح» شديد الثراء والتنوع.. كثيرون وصفوا الفيلم بأنه «بيئة»، وأكدوا أنه فيلم مبتذل، لكنى أحببت تفاصيل شخصياته التى لم أكن أعرفها بهذه الصورة تماما، وكرهت تعالى من كتبوا عن الفيلم وهم متأففين من شخصياته أكثر من انتقادهم لأخطاء وخطايا الفيلم من الناحية الفنية، لكن تظل شخصيات الفيلم من أروع الشخصيات التى كتبها بلال فضل وأكثرها صدقا وواقعية.

وبنفس منطق «خالتى فرنسا» التى تمتهن الردح وفضح وتجريس الآخرين نطق ابن شفيق بالعربى.. «ردح» المرشح الرئاسى ذى الإنجاز الوحيد «مطار القاهرة» ومرشح جماعة «إحنا بتوع المطار» فى مؤتمر صحفى مدته 40 دقيقة كما «خالتى فرنسا» فى أزهى عصورها، فقال وهو رافع هامته بنغمة صوته المتعالية إضافة إلى نبرة الغرور التى يحبها مؤيدوه بشكل مَرضى: «عصام استُبعد من الإخوان وكان مندوب أمن الدولة فى ميدان التحرير.. أقول كان بينقلها لمين؟!»، ورغم أن أغلب مؤيدى شفيق يكرهون «خالتى فرنسا» لأنها بيئة وبلدى وألفاظها مبتذلة، فإنهم هم أنفسهم من تقبّلوا من الفريق شفيق هذه الجملة فى المؤتمر الصحفى: «جابوا لى ملف فيه 50 صورة ليا شخصيا.. لقيته طالع فى كل الصور وفاشخ بقه كده» وكان يتحدث عن شخص يعمل فى المطار!

هذه الجملة التى تحمل كلمة «فاشخ» قالها المرشح الرئاسى المفضل لأولاد الذوات كما يرغبون فى وصف أنفسهم، وللسذج من ذوى الحالات الإنسانية المستعصية من أبناء مبارك الذين أصبحوا أبناء عمر سليمان، ثم اكتشفوا أن شفيق هو والدهم.. هذه الجملة قالها صاحب مطار القاهرة -كما يصور له خياله المسكين- وكأنه كتبه باسمه وبناه من ماله الخاص، متباهيا بسحر صالة «3» ليردد فى نومه وصحوه: أنا المطار والمطار أنا.

فجأة تحول الفريق أحمد شفيق من حالة التعالى التى يتعامل بها مع الشعب و«كانه قرفان من حاجة»، كما «بكيزة الدرملى» مع «زغلول العشماوى» إلى مستوى خالتى فرنسا.. مرددا كلمات مبتذلة وعصبية ومنفلتة بعد أول واقعة فساد اتُّهم بها.. تحول الرجل الذى يراه مؤيدوه رزينا عاقلا من البرنس علاء ابن الباشا فى «رُدّ قلبى» إلى الليمبى «اللى ما بيجمّعش»: «فاهم إيه عصام سالم.. فى إيه فى الدنيا يفهمه عصام سالم؟ أما عصام سالم يقرر يتكلم لازم يفهم الأول».. ألا تذكركم الجملة بكلمة الليمبى الخالدة: «يعرف إيه ده عن الليمبى وحلاوة الليمبى وشياكة الليمبى؟!».

أول مواطن قرر مواجهة الفريق شفيق بواقعة فساد يتم التحقيق فيها وهو ما زال مرشحا، ولم يصبح رئيسا.. «فرش له الفريق الملاية»، وقرر «الردح» له مستخدما أسلوب الفضح والتجريس الذى أجاده مبارك وكان خبيرا فى استخدامه.

لا يختلف نظام مبارك عن خالتى فرنسا، ونظام الفريق شفيق سيكون مجرد امتداد أحمق متطاوس -عَ الفاضى- لنظام فاسد وبائس.. قواعد هذا النظام ودعائمه قائمة على أساسين: التجريس غاية للشوشرة على الفساد والمفسدين، والفضيحة وسيلة تخويف لكل من تسول له نفسه مواجهة هذا الفساد.. وجاء شفيق ليعطى قبلة الحياة للنظام الذى خلعت الثورة رأسه، ويساعده فى مهمة إحياة النظام الفاضح والمفضوح نفس رجال الأعمال الفاسدين ونفس كتبة وصحفيى أمانة سياسات مبارك المتهم بقتل المتظاهرين وابنه المتهم بالفساد.

«إحنا شراشيح بكرامتنا.. وشريفة وشمعتى قايدة».. كلمات طالما رددتها خالتى فرنسا، فرغم أنها امتهنت فضح الناس وتجريسهم والشرشحة لهم، إلا أنها كانت تحتفظ بكرامتها وشرفها -كما تفهم هى الشرف- أما المنتمون إلى نظام مبارك، فلم يعرفوا أبدا معنى الشرف ولم يفهموا قيمة أن يكون الإنسان كريما نزيها ومترفعا عن وضع نفسه فى حرج تصدّر المشهد السياسى بعد ثورة قامت عليه وعلى نظامه.. والفريق شفيق لا يرغب فى أن يجنّب نفسه ذل معايرة الناس له بانتمائه إلى نظام فاسد ولا ينأى بنفسه وهو فى أرذل العمر عن معاناة تجريسه بصداقته لقاتل المتظاهرين.. يتصور الفريق أنه يمتلك ملفات فضائح للناس جميعا، ولم ينتبه إلى أن ترشحه فى حد ذاته هو فضيحة العمر له هو فقط.. إنهم لا يفضحون إلا أنفسهم.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire