نص الرئيس حسنى مبارك فى خطابه الأول 28 يناير 2011
"أيها الإخوة المواطنون ....
أتحدث اليكم في ظرف دقيق يفرض علينا جميعاً وقفة جادة وصادقة مع النفس تتوخى سلامة القصدوصالح الوطن لقد تابعت اولا باول التظاهرات وما نادت به ومادعت اليه كانت تعليماتي للحكومة تشدد عليهم اتاحة الفرصة امامها للتعبير عن اراء المواطنين ومطالبهم ثم تابعت محاولات البعض لاعتلاء موجة تلك التظارهات والمتاجرة بشعاراتها واسفت كل الاسف من ضحايا ابرياء من المتظاهرين وقوات الشرطة لقد دعوت الحكومة لتنفيذ هذه التعليمات وكان ذلك واضحاً في تعامل قوات الشرطة مع شبابنا فقد بادرت الى حمايتهم في بداياتها احتراما لحقهم في التظاهرالسلمي طالما تم في اطار القانون وقبل ان تتحول هذه التظارهات لاعمال شغب تهدد النظام العام وتعيق الحياة اليومية للمواطنين ان هذه التظاهرات وما شهدناه قبلها من وقفات احتجاجية خلال الاعوام القليلة الماضية ما كان لها ان تتم لولا المساحات العريضة لحرية الرأي والتعبيروالصحافة وغيرها من الحريات التي اتاحتها خطوات الاصلاح لابناء الشعب ولولا ما تشهده مصر من تفاعل غير مسبوق لقوى المجتمع.
انني كرئيس للجمهورية وبمقتضى الصلاحيات التي خولها لي الدستور كحكم بين السلطات أكدت مرارا وسوف اظل ان السيادة للشعب وسوف اتمسك دائما بحقي في ممارسة حرية التعبير طالما تم في اطار الشرعية واحترام القانون ان خيطا رفيعا يفصل بين الحرية والفوضى وانني اذ انحاز كل الانحيازلحرية المواطنين في ابداء ارائهم اتمسك بذات القدر بالحفاظ على امن مصر واستقرارها وبعدم الانجراف بها وبشعبها لمنزلقات خطيرة تهدد النظام العام والسلام الاجتماعي ولا يعلم احد مداها وتداعياتها على حاضر الوطن ومستقبله ان مصر هي اكبردولة في منطقتها سكانا ودورا وثقلا وتأثيرا وهي دولة مؤسسات يحكمها الدستور والقانون وعلينا ان نحاذر مما يحيط بنا من امثلة عديدة انزلقت بالشعوب الى الفوضى والانتكاس فلا ديمقراطية حققت ولا استقرارا حفظت.
ايها الاخوة المواطنون...
لقد جاءت هذه المظاهرات لتعبر عن تطلعات مشروعة ولمزيد من الاسراع في جهود محاصرة البطالة وتحسين مستوى المعيشة ومكافحة الفقر والتصدي بكل حسم للفساد انني اعي هذه التطلعات المشروعة للشعب واعلم جيدا قدر همومه ومعاناته لم انفصل عنها يوما واعمل من اجلها كل يوم لكن مانعانيه من مشكلات ومانسعى اليه من اصلاحات لن يحققه اللجوء الى العنف ولن تصنعه الفوضى وانما يحققه ويصنعه الحوار الوطني والعمل المخلص الجاد ان شباب مصر هو اغلى مالديها ونتطلعا اليهم كي يصنعوا مستقبلها وتربأ بهم ان يندس بينهم لنشر الفوضى ونهب الممتلكات العامة والخاصة واشعال الحرائق وهدم ما بنيناه ان اقتناعي ثابت لا يتزعزع بمواصلة الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي من اجل مجتمع مصري حر وديمقراطي يحتضن قيم العصر وينفتح على العالم لقد انحزت وسوف اظل للفقراء من ابناء الشعب عل الدوام مقتنعا بان الاقتصاد اكبر واخطر من ان يترك للاقتصاديين وحدهم وحرصت على ضبط سياسات الحكومة للاصلاح الاقتصادي كي لا تمضي باسرع مما يحتمله ابناء الشعب او مما يزيد من معاناتهم ان جهودنا لمحاصرة البطالة واتاحة المزيد من خدمات التعليم والصحة والاسكان وغيرها للشباب والمواطنين تظل رهنا بالحفاظ على مصر مستقرة وامنه وطنا لشعب متحضر وعريق لا يضع مكتسباته واماله لمستقبل في مهب الريح ان ماحدث خلال هذه التظاهرات يتجاوز ما حدث من نهب وفوضى وحرائق لمخطط ابعد من ذلك لزعزعة الاستقرار والانقضاض على الشرعية انني اهيب بشبابنا وبكل مصري ومصرية مراعاة صالح الوطن وان يتصدوا لحماية وطنهم ومكتسباتهم فليس باشعال الحرائق والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة تتحقق تطلعات مصر وابنائها وانما تتحقق تلك التطلعات لللمستقبل الافضل بالوعي والحوار والاجتهاد من اجل الوطن
ايها الاخوة المواطنون...
انني لا اتحدث اليكم اليوم كرئيس للجمهورية فحسب وانما كمصري شاءت الاقدار ان يتحمل مسئولية هذا الوطن وامضى حياته من اجلة حرباً وسلاماً لقد اجتزنا معا من قبل اوقاتا صعبة تغلبنا عليها عندما واجهناها كأمة واحدةوشعب واحد وعندما عرفنا طريقنا ووجهتنا وحددنا مانسعى اليه من اهداف ان طريق الاصلاح الذي اخترناه لا رجوع عنه اةو ارتداد الى الوراء سنمضي عليه بخطوات جديدة تؤكد احترامنا لاستقرار القضاء واحكامه خطوات جديدة نحو المزيد من الديمقراطية والمزيد من الحرية للمواطنين خطوات جديدة لمحاصرة البطاله ورفع مستوى المعيشة وتطويرالخدمات وخطوات جديدة للوقوف الى جانب الفقراءومحدودي الدخل ان خياراتنا واهدافنا هي التي ستحدد مصائرنا ومستقبلنا وليس امامنا من سبيل لتخفيفها سوى بالوعي والعمل والكفاح نحافظ على ماحققناه ونبني عليه ونرعى في عقولنا وضمائرنا مستقبل الوطن ان احداث اليوم والايام القليلة الماضية القت في قلوب الاغلبية الكاسحة من ابناء الشعب الخوف على مصر ومستقبلها والتحسب من الانجراف لمزيد من العنف والفوضى والتدمير والتخريب وانني متحملا مسئوليتي الاولى في الحفاظ على امن الوطن والمواطنيين لن اسمح بذلك ابدا لن اسمح لهذا الخوف ان يستحوز على مواطنينا ولهذا التحسب ان يلقي بنظامه على مصيرنا ومستقبلنا لقد طلبت من الحكومة التقدم باستقالتها اليوم وسوف اكلف الحكومة الجديدة اعتبارا من الغد بتكليفات واضحة ومحددة للتعامل الحاسم مع اولويات المرحلة الراهنة واقول من جديد انني لن اتهاون في اتخاذ اية قرارات تحفظ لكل مصري ومصرية امنهم وامانهم وسوف ادافع عن امن مصر واستقرارها وامان شعبها فتلك هي المسئولية والامانة التي اقسمت يميناً امام الله والوطن بالمحافظة عليها.
حفظ الله مصر وشعبها وسدد على الطريق خطانا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ........"
نص الرئيس حسنى مبارك فى خطابه الثانى 1 فبراير
"في أوقات صعبة تمتحن مصر وشعبها وتكاد أن تنجرف بها وبهم الى المجهول".
واضاف "ان الوطن يتعرض لاحداث عصيبة واختبارات قاسية بدأت بشباب ومواطنين شرفاء مارسوا حقهم في التظاهر السلمي تعبيرا عن همومهم وتطلعاتهم .. سرعان ما استغلها من سعى لاشاعة الفوضى واللجوء الى العنف والمواجهة وللقفز على الشرعية الدستورية والانقضاض عليها".
وتابع "تحولت تلك التظاهرات من مظهر راق ومتحضر لممارسة حرية الرأي والتعبير الى مواجهات مؤسفة تحركها وتهيمن عليها قوى سياسية سعت الى التصعيد وصب الزيت على النار واستهدفت أمن الوطن واستقراره باعمال اثارة وتحريض وسلب ونهب واشعال للحرائق وقطع للطرقات واعتداء على مرافق الدولة والممتلكات العامة والخاصة واقتحام لبعض البعثات الدبلوماسية على ارض مصر".
وقال الرئيس المصري "نعيش معا ايام مؤلمة وأكثر ما يوجع قلوبنا هو الخوف الذي انتاب الاغلبية الكاسحة من المصريين وما ساورهم من انزعاج وقلق وهواجس حول ما سيأتي به الغد لهم ولذويهم وعائلاتهم ومستقبل ومصير بلدهم".
واضاف "ان احداث الايام القليلة الماضية تفرض علينا جميع شعبا وقيادة الاختيار ما بين الفوضى والاستقرار. وتطرح أمامنا ظروفا جديدة وواقعا مصريا مغايرا يتعين ان يتعامل معه الشعب وقواته المسلحة باقصى قدر من الحكمة والحرص على مصالح مصر وابنائها".
واضاف الرئيس المصري انه بادر "لتشكيل حكومة جديدة باولويات وتكليفات جديدة .. تتجاوب مع مطالب شبابنا ورسالتهم .. وكلفت نائب رئيس الجمهورية بالحوار مع كافة القوى السياسية .. حول كافة القضايا المثارة للاصلاح السياسي والديمقراطي وما يتطلبه من تعديلات دستورية وتشريعية من اجل تحقيق هذه المطالب المشروعة واستعادة الهدوء والامن والاستقرار. لكن هناك من القوى السياسية من رفض هذه الدعوة للحوار .. تمسكا باجنداتهم الخاصة .. ودون مراعاة للظرف الدقيق الراهن لمصر وشعبها".
وتابع "وبالنظر لهذا الرفض لدعوتي للحوار .. وهي دعوة لا تزال قائمة .. فانني اتوجه بحديثي اليوم مباشرة لابناء الشعب .. بفلاحيه وعماله .. مسلميه واقباطه .. شيوخه وشبابه .. ولكل مصري ومصرية .. في ريف الوطن ومدنه على اتساع ارضه ومحافظاته".
واكد الرئيس مبارك انه "لم يكن يوما طالب سلطة او جاه .. ويعلم الشعب الظروف العصيبة التي تحملت فيها المسؤولية .. وما قدمته للوطن حربا وسلاما. كما انني رجل من ابناء قواتنا المسلحة .. وليس من طبعي خيانة الامانة .. او التخلي عن الواجب والمسؤولية".
وشدد على "ان مسؤوليتي الاولى الآن هي استعادة امن واستقرار الوطن لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة في اجواء تحمي مصر والمصريين وتتيح تسلم المسؤولية لمن يختاره الشعب في الانتخابات الرئاسية المقبل. واقول بكل الصدق وبصرف النظر عن الظرف الراهن انني لم اكن انوي الترشح لفترة رئاسية جديدة فقد قضيت ما يكفي من العمر في خدمة مصر وشعبها. لكنني الآن حريص كل الحرص على ان اختتم عملي من اجل الوطن بما يضمن تسليم امانته ورايته ومصر عزيزة آمنة مستقرة وبما يحفظ الشرعية ويحترم الدستور".
وشدد الرئيس المصري على انه سيعمل "خلال الاشهر المتبقية من ولايتي الحالية كي يتم اتخاذ التدابير و الاجراءات المحققة للانتقال السلمي للسلطة بموجب ما يخوله لي الدستور من صلاحيات".
ودعا مبارك البرلمان بمجلسيه الى "مناقشة تعديل المادتين (76) و (77) من الدستور بما يعدل شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية و يعتمد فترات محددة للرئاسة".
واضاف انه "لكي يتمكن البرلمان الحالي بمجلسيه من مناقشة هذه التعديلات الدستورية وما يرتبط بها من تعديلات تشريعية للقوانين المكملة للدستور وضمانا لمشاركة كافة القوى السياسية في هذه المناقشات فانني اطالب البرلمان بالالتزام بكلمة القضاء واحكامه في الطعون على الانتخابات التشريعية الاخيرة دون ابطاء".
واكد مبارك انه سيوالي "متابعة تنفيذ الحكومة الجديدة لتكليفاتها على نحو يحقق المطالب المشروعة للشعب وان يأتي اداؤها معبرا عن الشعب وتطلعه للاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولاتاحة فرص العمل و مكافحة الفقر و تحقيق العدالة الاجتماعية".
واضاف انه "وفي ذات السياق فانني اكلف جهاز الشرطة بالاضطلاع بدوره في خدمة الشعب وحماية المواطنين بنزاهة و شرف و امانة و بالاحترام الكامل لحقوقهم و حرياتهم و كرامتهم".
كما طالب مبارك السلطات الرقابية والقضائية باتخاذ ما يلزم من اجراءات لمواصلة ملاحقة الفاسدين والتحقيق مع المتسببين فيما شهدته مصر من انفلات امني و من قاموا باعمال السلب و النهب و اشعال النيران وترويع الآمنين على الفور.
واكد الرئيس المصري ان ذلك هو عهده للشعب خلال الاشهر المتبقية من ولايته الحالية داعيا الله الى ان يوفقه في الوفاء به "كي اختتم عطائي لمصر وشعبها بما يرضي الله والوطن وابناءه".
واعرب مبارك عن قناعته بان مصر ستخرج من الظروف الراهنة اقوى مما كانت عليه قبلها واكثر ثقة وتماسكا واستقرارا وان شعبها سيخرج منها وهو اكثر وعيا بما يحقق مصالحه واكثر حرصا على عدم التفريط في مصيره ومستقبله.
واختتم الرئيس مبارك كلمته بالقول انه "يعتز بما قضاه من سنين طويلة في خدمة مصر وشعبها. ان هذا الوطن العزيز هو وطني مثلما هو وطن كل مصري ومصرية فيه عشت وحاربت من اجله ودافعت عن ارضه وسيادته ومصالحه وعلى ارضه اموت وسيحكم التاريخ علي وعلى غيري بما لنا او علينا".
"ان الوطن باق والاشخاص زائلون ومصر العريقة هي الخالدة ابدا.. تنتقل رايتها وأمانتها بين سواعد ابنائها .. وعلينا ان نضمن تحقيق ذلك بعزة ورفعة وكرامة.. جيلا بعد جيل".
نص الرئيس حسنى مبارك فى خطابه الثالث والأخير 10 فبراير 2011
"بسم الله الرحمن الرحيم..
الإخوة المواطنون، الأبناء شباب مصر وشاباتها، أتوجه بحديثي اليوم لشباب مصر بميدان التحرير وعلى اتساع أرضها، أتوجه إليكم جميعا بحديث من القلب، حديث الأب لأبنائه وبناته.. أقول لكم إنني أعتز بكم رمزا لجيل مصري جديد يدعو إلى التغيير إلى الأفضل ويتمسك به ويحلم بالمستقبل ويصنعه.
أقول لكم قبل كل شيء، إن دماء شهدائكم وجرحاكم لن تضيع هدرا، وأؤكد أنني لن أتهاون في معاقبة المتسببين بها بكل الشدة والحسم، وسأحاسب الذين أجرموا في حق شبابنا بأقصى ما تقرره أحكام القانون من عقوبات رادعة.
وأقول لعائلات هؤلاء الضحايا الأبرياء: إنني تألمت كل الألم من أجلهم مثلما تألمتم، وأوجع قلبي كما أوجع قلوبكم.
أقول لكم إن استجابتي لصوتكم ورسالتكم ومطالبكم هو التزام لا رجعة فيه، وإنني عازم كل العزم على الوفاء بما تعهدت به بكل الجدية والصدق، وحريص كل الحرص على تنفيذه دون ارتداد أو عودة للوراء.
إن هذا الالتزام ينطلق من اقتناع أكيد بصدق ونقاء نواياكم وتحرككم، وأن مطالبكم هي مطالب عادلة ومشروعة، فالأخطاء واردة في أي نظام سياسي وفي أي دولة، ولكن المهم هو الاعتراف بها وتصحيحها في أسرع وقت ومحاسبة مرتكبيها.
وأقول لكم إنني كرئيس للجمهورية لا أجد حرجا أو غضاضة أبدا في الاستماع لشباب بلادي والتجاوب معه، لكن الحرج كل الحرج، والعيب كل العيب، وما لم ولن أقبله أبدا.. أن أستمع لإملاءات أجنبية تأتي من الخارج، أيا كان مصدرها وأيا كانت ذرائعها أو مبرراتها.
الأبناء شباب مصر، الإخوة المواطنون.. لقد أعلنت بعبارات لا تحتمل الجدل أو التأويل عدم ترشحي للانتخابات الرئاسية المقبلة، مكتفيا بما قدمته من عطاء للوطن لأكثر من 60 عاما في سنوات الحرب والسلام.. أعلنت تمسكي بذلك، وأعلنت تمسكا مماثلا وبذات القدر بالمضي في النهوض بمسؤوليتي في حماية الدستورومصالح الشعب حتى يتم تسليم السلطة والمسؤولية لمن يختاره الناخبون في شهر سبتمبر المقبل، في انتخابات حرة ونزيهة توفر لها ضمانات الحرية والنزاهة.. ذلك هو القسم الذي أقسمته أمام الله والوطن، وسوف أحافظ عليه حتى نبلغ بمصر وشعبها بر الأمان.
لقد طرحتُ رؤية محددة للخروج من الأزمة الراهنة، ولتحقيق ما دعا إليه الشباب والمواطنون، بما يحترم الشرعية الدستورية ولا يقوضها، وعلى نحو يحقق استقرار مجتمعنا ومطالب أبنائه، ويطرح في ذات الوقت إطارا متفقا عليه للانتقال السلمي للسلطة من خلال حوار مسؤول بين كافة قوى المجتمع وبأقصى قدر من الصدق والشفافية.
طرحتُ هذه الرؤية ملتزما بمسؤوليتي في الخروج بالوطن من هذه الأوقات
العصيبة، وأتابع المضي في تحقيقها أولا بأول، بل ساعة بساعة، متطلعا لدعم ومساندة كل حريص على مصر وشعبها كي ننجح في تحويلها لواقع ملموس، وفق توافق وطني عريض ومتسع القاعدة، تسهر على ضمان تنفيذه قواتنا المسلحة الباسلة.
لقد بدأنا بالفعل حوارا وطنيا بناء يضم شباب مصر الذين قادوا الدعوة إلى التغيير وكافة القوى السياسية، ولقد أسفر هذا الحوار عن توافق مبدئي في الآراء والمواقف يضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح للخروج من الأزمة، ويتعين مواصلته للانتقال به من الخطوط العريضة لما تم الاتفاق عليه، إلى خريطة طريق واضحة وبجدول زمني محدد تمضي يوما بعد يوم على طريق الانتقال السلمي للسلطة من الآن وحتى سبتمبر المقبل.
إن هذا الحوار الوطني قد تلاقى حول تشكيل لجنة دستورية تتولى دراسة التعديلات المطلوبة في الدستور وما تقتضيه من تعديلات تشريعية، كما تلاقى حول تشكيل لجنة للمتابعة تتولى متابعة التنفيذ الأمين لما تعهدتُ به أمام الشعب. ولقد حرصت على أن يأتي تشكيل كلتا اللجنتين من الشخصيات المصرية المشهود لها بالاستقلال والتجرد، ومن فقهاء القانون الدستوري ورجال القضاء.
وفضلا عن ذلك فإنني إزاء ما فقدناه من شهداء من أبناء مصر في أحداث مأساوية حزينة أوجعت قلوبنا وهزت ضمير الوطن، أصدرت تعليماتي بسرعة الانتهاء من التحقيقات حول أحداث الأسبوع الماضي، وإحالة نتائجها على الفور إلى النائب العام ليتخذ بشأنها ما يلزم من إجراءات قانونية رادعة.
ولقد تلقيت أمس التقرير الأول بالتعديلات الدستورية ذات الأولوية المقترحة من اللجنة التي شكلتها من رجال القضاء وفقهاء القانون لدراسة التعديلات الدستورية والتشريعية المطلوبة.
وإنني تجاوبا مع ما تضمنه تقرير اللجنة من مقترحات، ومقتضى الصلاحيات المخولة لرئيس الجمهورية وفقا للمادة 189 من الدستور، فقد تقدمت اليوم بطلب تعديل ست مواد دستورية هي المواد 76 و77 و88 و93 و189، فضلا عن إلغاء المادة 179 من الدستور، مع تأكيد الاستعداد للتقدم في وقت لاحق بطلب تعديل المواد التي تنتهي إليها هذه اللجنة الدستورية وفق ما تراه من الدواعي والمبررات.
وتستهدف هذه التعديلات ذات الأولوية تيسير شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية، واعتماد عدد محدد لمدد الرئاسة تحقيقا لتداول السلطة، وتعزيز ضوابط الإشراف على الانتخابات ضمانا لحريتها ونزاهتها، كما تؤكد اختصاص القضاء وحده بالفصل في صحة وعضوية أعضاء البرلمان، وتعدل شروط وإجراءات طلب تعديل الدستور.
أما الاقتراح بإلغاء المادة 179 من الدستور فإنه يستهدف تحقيق التوازن المطلوب بين حماية الوطن من مخاطر الإرهاب وضمان احترام الحقوق والحريات المدنية للمواطنين، بما يفتح الباب أمام إيقاف العمل بقانون الطوارئ فور استعادة الهدوء والاستقرار وتوافر الظروف المواتية لرفع حالة الطوارئ.
الإخوة المواطنون.. إن الأولوية الآن هي استعادة الثقة بين المصريين بعضهم البعض، والثقة في اقتصادنا وسمعتنا الدولية، والثقة في أن التغيير والتحول الذي بدأناه لا ارتداد عنه أو رجعة فيه.
إن مصر تجتاز أوقاتا صعبة لا يصح أن نسمح باستمرارها فيزداد ما ألحقته بنا وباقتصادنا من أضرار وخسائر يوما بعد يوم، وينتهي بمصر الأمر إلى أوضاع يصبح معها الشباب الذين دعوا إلى التغيير والإصلاح أول المتضررين منها.
إن اللحظة الراهنة ليست متعلقة بشخصي، ليست متعلقة بحسني مبارك، وإنما بات الأمر متعلقا بمصر في حاضرها ومستقبل أبنائها.
إن المصريين جميعا في خندق واحد الآن، وعلينا أن نواصل الحوار الوطني الذي بدأناه بروح الفريق وليس الفرقاء، وبعيدا عن الخلاف والتناحر، كي تتجاوز مصر أزمتها الراهنة، ولنعيد لاقتصادنا الثقة فيه، ولمواطنينا الاطمئنان والأمان، وللشارع المصري حياته اليومية الطبيعية.
لقد كنت شابا مثل شباب مصر الآن، عندما تعلمت شرف العسكرية المصرية والولاء للوطن والتضحية من أجله.. أفنيت عمري دفاعا عن أرضه وسيادته، شهدت حروبه بهزائمها وانتصاراتها، عشت أيام الانكسار والاحتلال وأيام العبور والنصر والتحرير.. أسعد أيام حياتي يوم رفعت علم مصر فوق سيناء، واجهت الموت مرات عديدة طيارا وفي أديس أبابا وغير ذلك كثير، لم أخضع يوما لضغوط أجنبية أو إملاءات، حافظت على السلام، عملت من أجل أمن مصر واستقرارها، اجتهدت من أجل نهضتها، لم أسع يوما لسلطة أو شعبية زائفة.. أثق أن الأغلبية الكاسحة من أبناء الشعب يعرفون من هو حسني مبارك، ويحز في نفسي ما ألاقيه اليوم من بعض بني وطني.
وعلى أية حال، فإنني إذ أعي خطورة المفترق الصعب الحالي، واقتناعا من جانبي بأن مصر تجتاز لحظة فارقة في تاريخها تفرض علينا جميعا تغليب المصلحة العليا للوطن، وأن نضع مصر أولا فوق أي اعتبار وكل اعتبار آخر، فقد رأيتُ تفويض نائب رئيس الجمهورية في اختصاصات رئيس الجمهورية على النحو الذي يحدده الدستور.
إنني أعلم علم اليقين أن مصر ستتجاوز أزمتها ولن تنكسر إرادة شعبها، ستقف على أقدامها من جديد بصدق وإخلاص أبنائها كل أبنائها، وسترد كيد الكائدين وشماتة الشامتين.
سنثبت نحن المصريين قدرتنا على تحقيق مطالب الشعب بالحوار المتحضر والواعي، سنثبت أننا لسنا أتباعا لأحد، ولا نأخذ تعليمات من أحد، وأن أحدا لا يصنع لنا قراراتنا سوى نبض الشارع ومطالب أبناء الوطن.
سنثبت ذلك بروح وعزم المصريين، وبوحدة وتماسك هذا الشعب، وبتمسكنا بعزة مصر وكرامتها وهويتها الفريدة والخالدة، فهي أساس وجودنا وجوهره لأكثر من سبعة آلاف عام.
ستعيش هذه الروح فينا ما دامت مصر وشعبها، ستعيش هذه الروح فينا ما دامت مصر ودام شعبها، ستعيش في كل واحد من فلاحينا وعمالنا ومثقفينا، ستبقى في قلوب شيوخنا وشبابنا وأطفالنا، مسلميهم وأقباطهم، وفي عقول وضمائر من لم يولد بعد من أبنائنا.
أقول من جديد.. إنني عشت من أجل هذا الوطن حافظا لمسؤوليته وأمانته، وستظل مصر هي الباقية فوق الأشخاص وفوق الجميع".
نص بيان التنحى الذى ألقاه السيد عمر سليمان
"ايها المواطنون فى هذة الظروف العصبية التى تمر بها البلاد قرر الرئيس محمد حسنى مبارك تخلية عن منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الاعلى للقوات المسلحة لادارة شؤن البلاد والله الموفق والمستعان"
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire