dimanche 5 février 2012

هام جدا وعاجل : مكالمة هاتفية تكشف تدبير المذبحة قبل المباراة بـ 24 ساعة

القاهرة/ أحمد جلال
(1-2)
لم يكن أشد المتشائمين يظن أن تنحدر ثورة 25 يناير المصرية الطاهرة.. من ثورة شعب يتصدى لظلم وطغيان حاكم مستبد،إلى أن يسعى بعض المتآمرين لاستغلالها في ارتكاب مجزرة دموية غير مسبوقة في عالم كرة القدم،ليس في مصر وحدها لكن على مستوى العالم كله..الأمر الذي دفع رئيس الاتحاد الدولي جوزيف بلاتر إلى التأكيد على أن مجزرة بورسعيد الكروية التي اندلعت فور انتهاء مباراة المصري البورسعيدي والأهلي..

تمثل يوما أسود في تاريخ كرة القدم العالمية لأنها فاقت كارثة ملعب هيسيل التي راح ضحيتها 39 مشجعا خلال نهائي أبطال أوروبا للأندية أبطال الدوري"المسمى القديم لدوري أبطال أوروبا" بين ناديي يوفنتوس الايطالي وليفربول الانكليزي بعد أن انهار السور العازل بين المدرجات والملعب بسبب شغب الهوليغانز الانكليز وتدافعت الأجساد لتزهق ارواح الضحايا، وتبدأ بعدها الاندية الانكليزية في تصفية جماعات وروابط المشجعين من الهوليغانز وتكون ما اصطلح على تسميته بالالتراس التي سرعان ما انتشرت في كل أنحاء أوروبا، ثم انتقلت الى العالم العربي ومنه مصر.
لكن احداً لم يكن يتصور أن تصبح جماعات الالتراس وقوداً للشغب الذي استفحلت حلقاته وفشلت كل محاولات احتوائه لتنجم عن كارثة انسانية بشعة لا تحدث إلا في حروب طويلة الامد بين جيشين مسلحين..وليس جماهير كرة قدم لا يفترض أبدا أنها تشجع فريقها بيد وتمسك في الأخرى أسلحة بيضاء وصواريخ العاب نارية ومسدسات رصاص حي! كما حدث في ملعب بورسعيد برغم أن النادي المصري صاحب الأرض فاز باللقاء عن جدارة واستحقاق بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد!
هذه النتيجة كانت سبباً في طرح التساؤل: لماذا اندلعت شرارة الأحداث البشعة برغم أن أصحاب الارض يفترض أنهم قد فازوا وبات عليهم أن يحتفلوا بفوزهم ولا يفسدوه ؟
الإجابة تأتي من شهود عيان في بورسعيد حضروا اللقاء من أرض الملعب واكدوا لنا أن الامن تجاهل تماما تأمين المباراة الكارثة بين المصري والاهلي وتركوا الحبل على الغارب من بداية اللقاء لدخول عناصر غريبة من دون تذاكر أو تفتيش!

شبح حركة 6 أبريل
يظهر في المدرجات
وقال بعض الشهود أن معظم الوجوه التي ظهرت في المدرجات لم تكن من الأساس من بورسعيد وبعضها كان من حركة 6 أبريل وتجمعوا في ميدان المنشية ببورسعيد لتلقين عملاءهم التعليمات الأخيرة!
وذكر الشهود أن السجون تم فتحها في 28 كانون الثاني الماضي وظهر بعض الخارجين على القانون في المدرجات ما يضع مدير أمن في بورسعيد الذي تمت إقالته وتحويله للتحقيق من قبل النيابة العامة داخل دائرة الاتهام وتطرح التساؤل بشأن حقيقة تعمد أحداث حالة من الانفلات الأمني غير المسبوق قبل هذه المباراة الهامة برغم أن مباراة انبي التي أقيمت قبلها بأسبوع تقريبا على نفس ملعب بورسعيد شهدت التزاما أمنياً غير مسبوق.

نص اللافتة
فجّر شرارة الأحداث
وذكر شهود عيان من بورسعيد أن فراد الأمن كانوا الطرف المحرض للجماهير كي تشتبك مع ألتراس اهلاوي عقب اللافتة غير اللائقة التي تضمنت عبارة "يا بلد بالة ما فيهاش رجالة".
وقال شهود العيان أن أفراد الامن قالوا للجماهير: (هما شتموكم ولازم توروهم أنكم رجالة..لازم تاكلوهم بسنانكم ) ثم فتحوا الباب الغربي الذي تدفق منه آلاف المتفرجين بعد تحريضهم لتبدأ وقائع مجزرة بورسعيد البشعة التي أسفرت عن استشهاد ما يقرب من 75 شخصا واصابة 1000 آخرين
والمذهل أن بعض مستشفيات المحافظة لم تكن تعمل من الأساس مثل مستشفى آل سليمان التي تذرع المسؤولون التنفيذيون بالمحافظة بأنها مستشفى خاص ولا تملك التجهيزات الكافية لاحتواء الموقف مع بقية المستشفيات الأخرى التي تحولت الى ثلاجة كبيرة فقط لتكديس الموتى بسبب استحالة إنقاذ حياة الضحايا الذين أزهقت أرواحهم بالرصاص الحي والأسلحة البيضاء والشوم وخلافه.

مكالمة تحذيرية
تؤكد النية المبيتة
والمذهل أيضا أن الدكتور أكرم الشاعر عضو مجلس الشعب عن دائرة بورسعيد كان قد تلقى اتصالاً هاتفياً من احد أصدقائه المقربين قبل المباراة بـ 24 ساعة يحذره فيه من حضور مباراة كرة القدم بين المصري والأهلي والتي انتهت بمجزرة بشرية.
أو السماح لأحد أبنائه بحضور اللقاء مؤكداً له أن كارثة ينتظر أن تحدث خلال هذا اللقاء..وهو الأمر الذي حدث بالفعل، ما يشكك في وجود نية مبيتة لافتعال مجزرة الأربعاء.
يذكر أن أكرم الشاعر هو أحد أقطاب حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين وافتتح أولى جلسات مجلس الشعب بكلمة مؤثرة كون ابنه احد مصابي الثورة وطالب بالقصاص من كل من تسبب في قتل المتظاهرين وفي مقدمتهم مبارك والعادلي
تحقيقات النيابة تدين رئيسي المصري والأهلي.
ومن جانبها، انتهت النيابة من تفريغ محتويات 33 كاميرا مراقبة من المتواجدين بملعب بورسعيد الذي شهد تلك الأحداث، حيث سجلت كل كاميرا منهم ساعتين متواصلتين، وتم تفريغ 66 ساعة، وفحصهما ومعاينتهما جاريان للوقوف على كيفية نزول الجماهير لأرض الملعب.
كانت التحقيقات المبدئية كشفت أنه كان هناك تحذيرات مسبقة من جهات عدة، أهمها "الالتراس الأهلي"، وبعض مشجعي النادي المصري من حدوث عنف وأعمال شغب وتعرض حياة المواطنين للخطر، لكن لم يلتفت إليها أحد، كما أن كامل أبو علي رئيس النادي المصري البورسعيدي وحسن حمدي رئيس النادي الاهلي لم يعقدا أي اجتماع مسبق لاحتواء فتيل الأزمة والتعصب برغم علمهما به ما يضعهما في دائرة التقصير الشديد الذي يصل الى حد الإهمال الجسيم.
وأشارت التحقيقات إلى أن أجهزة الأمن لم تؤد دورها على النحو الأكمل، لأنه في مثل هذه الأمور من المباريات الكبرى المشحونة بالتعصب كان ينبغي عليها أخذ ترتيبات مسبقة ورفع حالات الطوارئ ودرجة الاستعداد القصوى، إلا أنها اكتفت بالتأمين المعتاد.

أقوال مدير الأمن المتورط
في الكارثة أمام النيابة
ونفى مديرا الأمن والمباحث ببورسعيد اللذان أصدر رئيس الوزراء المصري الدكتور كمال الجنزوري قرارا بإقالتهما أي مسؤولية لهما عن الحادث، وقالا في التحقيقات: إنهما لم ينم إلى علمهما وجود تحذيرات مسبقة أو نية لأحداث عنف، مؤكدين أنهما مارسا وقاما بدورهما على النحو المطلوب منهما، وكما يستلزم القانون.
وأشارا إلى أنهما لم يتوقعا هذه الأحداث، خاصة أن النادي المصري متقدم على الأهلي، معتبرين أن لافتة رفعها بعض جماهير الأهلي مكتوبا عليها (مدينة بالة مفيهاش رجالة) هي التي أشعلت الأزمة.
وقال سمك في التحقيقات، إنه كان متواجداً في الملعب لتأمين مباراة النادي الأهلي والمصري، مرتدياً "بالطو" أسود، واستشهد بأحد الصحف التي نشرت صورته في المباراة أثناء اصطحابه للاعبي النادي الأهلي في بداية المباراة، نافياً كونه متحفظاً عليه، وإنما لا يزال مستجوباً من النيابة العامة، نافياً ما تردد من أن حالات الوفاة أو الإصابة تمت نتيجة طلقات نارية أو ذبح أو إصابة بأسلحة نارية، وإنما نتيجة التزاحم والتدافع بين جماهير الناديين.
وأضاف اللواء عصام سمك في تصريحات كوميدية سوداء أن  رفضه التصدي لجحافل الموتورين الذين اقتحموا ملعب بورسعيد عقب المباراة التي جرت بين المصري والاهلي وانتهت بفوز المصري 3-1 كان أفضل من اتخاذ قرار باستخدام العنف لأن ذلك على حد قوله كان يعني أن يسيل نهر من الدماء يفوق أضعاف أضعاف ما حدث من مجازر عقب الكارثة!
وكشف مدير أمن بورسعيد المقال، أنه لا توجد أي تحذيرات مسبقة أو شيء من هذا القبيل، بل على العكس كل المؤشرات كانت تؤكد أن هناك مباراة طيبة وشعب بورسعيد متحضر ومرحب بجماهير الأهلي وهي تصريحات تؤكد أن مدير الامن كان يغط في سبات عميق ولم يكن يدري شيئاً عن ملابسات الكارثة التي كانت تحاك في الخفاء وأقواله تضعه في دائرة الإهمال الذي يصل إلى حد التواطؤ!

وزير الداخلية
يعتكف في مكتبه
وكان اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية المصري قد قرر تعيين اللواء سامح رضوان مديرا لأمن بورسعيد بعد إقالة مدير الامن السابق عصام سمك من منصبه وذلك في إطار الجهود التي تبذلها وزارة الداخلية من أجل إنقاذ الموقف ومحاولة تدارك الغضب الهادر الذي يسيطر على جموع المتظاهرين من جماهير الأهلي والزمالك بعد الأحداث الدامية في بورسعيد التي أسفرت عن استشهاد 74 مواطناً وإصابة 1000 آخرين.
وكان وزير الداخلية قد قرر الاستمرار في مكتبه بمقر الوزارة في من أجل تدارك الكارثة لاسيما في ظل تجمهر الغاضبين أمام وزارة الداخلية احتجاجاً على الكارثة.
حرب شوارع
وكاميرات خفية!
واندلعت حرب شوارع بين الأمن والمتظاهرين في شارع محمد محمود المؤدي إلى مبنى الوزارة، وتبادل الجانبان الرشق بالحجارة، فيما أطلقت عناصر الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع، ما أسفر عن إصابة العشرات باختناقات.
واكتشف المتظاهرون بشارع محمد محمود وجود كاميرات مراقبة أعلى سطح أحد العقارات القريبة من مقر وزارة الداخلية، وحاولوا الصعود إلى داخل العقار، ولكن السكان أغلقوا باب العقار ووعدوهم بإنزال الكاميرا، وبالفعل صعد أحد السكان وقام بتحريك الكاميرا وقطع الأسلاك، ولكن المتظاهرين أصروا على تحطيم الكاميرا، وأن يقوم بإلقائها من أعلى العقار وهو ما استجاب له أحد السكان.
قامت مجموعات من المتظاهرين باقتحام مبنى مصلحة الضرائب العقارية، المتواجد بشارع منصور القريب من مبنى وزارة الداخلية، والصعود إلى أعلى سطح المبنى عقب قيامهم باقتحام المكاتب، وتجميع أثاثها ومنقولاتها وبعض أنابيب الغاز والقيام بإلقائها، وزجاجات (المولوتوف) والحجارة على القوات المكلفة بتأمين مبنى وزارة الداخلية.
وعلى الرغم من إصابة 138 ضابطاً ومجنداً من قوات الأمن المركزي بإصابات مختلفة وحروق، وبينهم إصابة عدد 16 مجنداً بطلقات نارية من طلقات خرطوش، إلا أن وزارة الداخلية طالبت الجنود بالالتزام بأقصى درجات ضبط النفس، محاولة لمنع نشوب حرب أهلية.
كما قررت وزارة الداخلية إغلاق مداخل ومخارج مدينة بورسعيد بعد أن وردت معلومات تشير إلى اعتزام جحافل من (التراس اهلاوي) وذويهم وأقاربهم حشد أسطول من السيارات لدخول مدينة بورسعيد بدعوى الانتقام من إزهاق أرواح الجماهير التي صاحبت فريق النادي الأهلي لي بورسعيد ما قد يؤدي لحدوث حرب أهلية بين جماهير القاهرة وجماهير بورسعيد.
وكان (التراس اهلاوي) قد قرروا الاعتصام أمام وزارة الداخلية وتضامن معهم (الوايت نايتس زملكاوي)، محملين وزارة الداخلية مسؤولية كارثة بورسعيد.

المدى جريدة سياسية يومية

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire