vendredi 24 février 2012

اكاذيب المجلس العسكرى ؟!

119

محمد الباز

فى تحد واضح ألقى جنرالات المجلس العسكرى فى وجوهنا، أنهم يملكون ما لو أعلنوا عنه لكان محلا لفخر الشعب المصرى بقواته المسلحة.

دون أن يقول المجلس ذلك نحن نفخر بجيشنا وقواتنا المسلحة.. المجمل أن الجيش هو من حمى الثورة، قالوا لنا ذلك دون تفاصيل أو دليل.
كتاب المناوى لديه الكثير من التفاصيل، التقطتها من بين صفحات الكتاب - 462 صفحة -لن أضعها فى سياق معين، أتركها أمامك لترى أنت فيها رأيك.
نحن الآن يوم الأربعاء التاسع من فبراير، كان من المفروض أن يلقى الرئيس مبارك خطابا نهائيا، لكن هذا لم يحدث، كان عبد اللطيف المناوى فى مكتبه، وأمامه شاشات يعرف من خلالها ماذا يدور فى استديو الرئاسة الموجود فى قصر الرئاسة.. ظل السؤال طوال الليل عما إذا كان الرئيس قد بدأ تسجيل خطابه أم لا؟ حتى جاءت الإجابة فى نهاية الليلة بأن الرئيس دخل غرفته للنوم.
صباح الخميس تلقى المناوى اتصالا من أحد قيادات القوات المسلحة، يبلغه فيه أن هناك بيانا مهما يرغبون فى إرساله للإذاعة، وطلب أن يذاع البيان بمجرد وصوله، وأن يكون ذلك بدون تدخل من أى طرف من الأطراف.
سأل المناوى من حدثه عما يحدث بالضبط، فرد عليه: لدينا أخبار مهمة. استفسر عن طبيعة هذه الأخبار، فقال له: هذا ما سوف يحتويه البيان الذى سوف يأتى به أحد الضباط مسجلا على شريط على الفور إلى مكتبك.
يروى المناوى ما جرى، يقول: «انتظرت أن يأتى الشريط، مستغلا الوقت فى إجراء مجموعة من الاتصالات، فعلمت أن اجتماعا قد تم بالفعل للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأن هذا الاجتماع تم تصويره وإلحاقه ببيان، وهو الذى سوف يأتى فى الشريط الذى سوف يحضره أحد الضباط، توقفت أمام هذه المعلومة، فقد كان المجلس الأعلى من الطبيعى وفقا للقواعد المنظمة أن يرأسه القائد الأعلى للقوات المسلحة أى رئيس الجمهورية، وعندما استفسرت عما إذا كان الرئيس مبارك قد حضر الاجتماع، فعلمت أن الاجتماع كان بقيادة المشير طنطاوى وزير الدفاع، وبدون حضور رئيس الجمهورية، واستفسرت مرة أخرى عما إذا كان رئيس الجمهورية على دراية بهذا الاجتماع، فكان التأكيد أنه ليس على دراية به».
كان الشريط الذى أحضره الضابط عبارة عن بيان يلقيه اللواء محسن الفنجرى يؤكد خلاله أن المجلس العسكرى للقوات المسلحة فى حالة انعقاد دائم.. كان البيان يحمل رقم 1، فى دلالة على أن هناك بيانات أخرى قادمة فى الطريق.
يرى المناوى أن الجيش بهذا البيان حسم موقفه، وأن هذه طريقة المجلس العسكرى التى اختارها للضغط على الرئيس لإجباره على اتخاذ قرار يحرك الأمور فى اتجاهها المطلوب.. ليس شرطا بالطبع أن يكون هذا القرار هو التنحى، فالمطلوب كان قرارا ينهى الأزمة والسلام.
علم المناوى فيما بعد أن اجتماع المجلس العسكرى لم يعقد يوم الخميس، لكنه عقد يوم الأربعاء التاسع من فبراير، وتم بعد اجتماع ضيق حضره عدد صغير من قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوى، ولم يزد عدد الحاضرين فى هذا الاجتماع عن خمسة أشخاص، وتم طرح وجهات النظر الرئيسية والمواقف الرئيسية التى تواجهها البلاد.
بدأت تصورات القادة الخمسة بالوقوف والانتظار لحين انتهاء وضع الأزمة فى أى اتجاه من الاتجاهات، وانتهاء بالانقلاب على الرئيس مبارك شخصيا.. وهو الاقتراح الذى رفض من الجميع.. أما الحل الذى توصلوا إليه، فهو ممارسة جميع أشكال الضغط وأنواعها على الرئيس مبارك، لإجباره على اتخاذ موقف يؤدى إلى حل الأزمة.
كان هناك تصور واضح لدى الجنرالات الخمسة، وهو أن يعلن الرئيس مبارك بما لا يدع مجالا للشك نقل جميع سلطاته إلى نائب رئيس الجمهورية، وأن يختار أن يبتعد عن الصورة، واتفقوا على الانتظار للخطاب الذى كان من المتوقع أن يلقيه الرئيس مساء الأربعاء.
اتفق الخمسة على أن يتم عقد اجتماع المجلس العسكرى يوم الأربعاء، وأن يتم تصويره بواسطة الشئون المعنوية، وأن تتم الاحتفاظ بهذا التصوير، على ألا يعلن عنه انتظارا للخطاب المنتظر من الرئيس، ولما لم يحدث كان القرار بأن تتم إذاعة البيان رقم واحد.
حرص المجلس العسكرى على ألا يتم تسريب ما حدث فى هذا الاجتماع، سواء كان الاجتماع المصغر أو اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى تم فيه الاتفاق على حسم الموقف بجانب المواطنين، وعدم الخضوع لأية ضغط لممارسة أى شكل من أشكال الضغوط على المواطنين والمتظاهرين.
أذاع المناوى البيان دون أن يطلع أحدا عليه على الإطلاق، وبعد إذاعته بأقل من دقيقتين، تلقى مكالمتين من أنس الفقى وزكريا عزمى من مقر رئاسة الجمهورية.
سأل أنس المناوى: ما هذا الذى أذيع الآن؟، فرد عليه بأنه بيان من الجيش، سأله: من أين أتى؟.. فقال: بأنه أتى من القوات المسلحة.. احتد عليه أنس: ولماذا لم تبلغنا بهذا البيان قبل إذاعته.
يقول المناوى إنه قال لأنس: «إن هذا هو عملى الذى أقوم به وفقا لتقديرى بشكل مستمر، ولم أظن بأنه كان يجب إبلاغكم بما يحوى البيان، وبأننا نتلقى بيانات الجيش بشكل تلقائى وطبيعى، وهذا البيان على وجه التحديد فى غاية الأهمية».
تحدث أنس جانبيا مع زكريا عزمى الذى كان يجلس بجانبه، ثم عاد للمناوى قائلا:دكتور زكريا يؤكد عليك ألا تذيع أية بيانات للجيش قبل إبلاغنا، رد المناوى كما قال هو :«ليس لى أية علاقة ببيانات القوات المسلحة، وجرت العادة أنه بالنسبة لبياناتهم أنه يأتى أحد الضباط يحمل الشريط فى يده، ويضعه بيده داخل جهاز العرض فى الاستديو ولا أشاهد محتواه إلا على الهواء كما يشاهده المشاهدون، وبالتالى فليس لى أى خيار فى وقف إذاعة أى بيانات لهم».
لم يكن هذا صحيحا، كما يؤكد المناوى، لكن كان هذا ما قاله.
المفاجأة أن المناوى تلقى اتصالا من أحد اللواءات فى القوات المسلحة يشكره فيه على إذاعة البيان، فى هذا الوقت لم يفهم سبب الشكر، لكن المفاجأة الأكبر أن اللواء نفسه طلب عدم إذاعة البيان مرة أخرى، مبررا ذلك فى اعتقاده بأنه أدى المهمة المطلوبة منه، وهى تكثيف الضغط على مبارك، وقال اللواء إن الرئيس الآن يعد خطابا ولابد من الانتظار لما سيقوله.
كان الخطاب الذى ألقاه مبارك بعد الضغط عليه مخيبا لكل الآمال، فبدلا من أن يتنحى مبارك، قال نصا إنه:«لن يستمع إلى أى تدخلات خارجية، أو إملاءات بغض النظر عن مصادرها».. فوض مبارك السلطة إلى عمر سليمان، لكن كان مستفزا أنه أكد أنه سيبقى للمراقبة.. وهو ما أوحى أنه لن يتنحى على الإطلاق.
اتصل المناوى – كما يقول – بمصادره فى الجيش والمخابرات، سألهم جميعا عما جرى، فقالوا جميعا إنهم لم يكن بإمكانهم فعل أى شىء، فالرجل العجوز عنيد وجمال يحاول السيطرة على مجريات الأمور.
ما حدث فى 11 فبراير كان أكثر دلالة، يقول المناوى: «فى منتصف اليوم – الجمعة – عندما كان الشعب منهمكا فى صلاة الجمعة، استقل الرئيس طائرة هليكوبتر من القصر الرئاسى إلى مطار النزهة، ومن هناك استقل طائرة رئاسية إلى مقر إقامته فى شرم الشيخ، وقبل أن يغادر، تحدث الرئيس مع نائبه عمر سليمان فى القصر الرئاسى.
سليمان: هل أنت بحاجة إلى أى ضمانات؟
مبارك: لا .
سليمان: هل أنت بحاجة للذهاب إلى الخارج.. إلى أى مكان؟
مبارك: لا.. أنا لم أرتكب أى خطأ.. وأنا أريد أن أعيش فى هذا البلد، وسوف أعيش فى هذا البلد حتى نهاية حياتى، أنا اخترت شرم الشيخ ليكون المكان الذى سأقضى فيه ما تبقى من حياتى، لقد تركت كل شىء.. السياسة والسلطة، كل شىء..أريد فقط أن أعيش هنا.
سليمان: لديك بعض الوقت للتفكير فى الأمر إذا كنت تريد أن تفعل أى شىء آخر.. بعض الوقت أيام.
يصل المناوى إلى الفقرة الأهم، فبعد أن وصل مبارك إلى شرم الشيخ، وفى الواحدة والنصف ظهرا اتصل وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوى بالرئيس، وأعتقد أن هذه قد تكون المكالمة الأخيرة، كانت المكالمة كما قال عبد اللطيف قصيرة جدا.. دارت هكذا.
مبارك: حسين قررت أن أفوض المسئولية كاملة لك وللجيش، أنت صاحب السلطة الآن.
طنطاوى: لا يا سيادة الرئيس.. سنجد وسيلة أخرى لم يكن هذا ما نريده.
مبارك: لا.. هذا قرارى.. تحدث مع عمر سليمان ورتبوا كيفية إعلان هذا النبأ.. خللى بالك من نفسك يا حسين.
أعلن عمر سليمان بعد ذلك تخلى مبارك عن مهام منصبه بالتفاصيل التى نعرفها، لكن تبقى دلالة ما جرى وما قيل وما تردد.. فالجيش كما يبدو لم يكن يرغب فى أن يتنحى مبارك.. المشير طنطاوى قال له: لم يكن هذا ما نريده.. يبدو فقط أن الأقدار قادت الأمور إلى ما استقرت عليه.. دون أن تكون هناك نية لا لحماية الثورة ولا لإجبار مبارك على التنحى.. هذا ما نفهمه.. فهل كان المناوى يقصد شيئاً آخر.

شاهد المحتوى الأصلي علي بوابة الفجر الاليكترونية - أكاذيب المجلس العسكرى

الفجر

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire