mercredi 1 février 2012

نوراة نجم : «يا تموت وانت واقف.. يا تعيش وأنت راكع»

210

ولا يسعدنى ما يقوله البعض: نوارة بميت راجل. نوارة لا بميت راجل ولا زفت.. نوارة تعبت من دفن عرسان السماء وبتلعب فى عداد عمرها أملا فى أن يكون للعدو الشجاعة الكافية ليلحقنى بالأبرار الذين شممت رائحة المسك تفوح من جثامينهم الراقدة فى المشرحة. نعم العدو، الذى يدير معركة ضد أشخاص ليس لديهم أى مطلب سوى الكرامة، سواء كان فقيرهم الذى يتهم بالبلطجة لملابسه الرثة، وميسورهم الذى يتهم بالعمالة للجهات الأجنبية.
اثبت مكانك. «ده الخوف بيخاف منك.. وضميرك عمره ما خانك» أكتب الآن، وقد أعددت حقيبة ملابسى، حيث إن أحد الشباب قال على موقع الـ«تويتر» إنه قابل ضابط شرطة أخبره بعزم قوات الأمن على فض اعتصام ماسبيرو، وأنهم مكلفون بالبحث عنى بالاسم. إحقاقا للحق، «لم أكن أنتوى» النزول إلى ماسبيرو اليوم، حيث إننى أعانى من نزلة برد، لكن، مادامت أن قوات الأمن تبحث عنى بالاسم.. فما يصحش أدوخهم. سواء صحت المعلومة أم كانت مجرد شائعة، فليس لدينا أى سلاح فى مواجهة العدو سوى الثبات. العدو، هو ذلك الكيان الذى يأخذ المعونة الأمريكية، وبناء على ذلك يأتمر بأمرها، وليس لدى أمريكا أى رغبة فى أن يتحرر الشعب المصرى، ولا تضع تحرر الشعب المصرى كاحتمال وارد يمكنها التعامل معه، وبما إنها أوكلت مهمة قمع الثورة إلى جهة عسكرية، فإن تلك الجهة لا تفهم إلا الإرهاب، هى لا تقتل، أو تعرى، أو تكشف على عذرية الحرائر، أو تأمر ضباطها بالتبول على الناس بغرض التسلية، وإنما غرضها الوحيد هو التخويف. تستخدم الإعلام المروج لوهم «حرق البلاد»، و«تقسيم مصر»، و«الجوع»، و«الشارع ما بقاش معاكم وكره الثورة..» إلى جانب إلقاء الجثث فى المزابل وسحل النساء وتعريتهن، كل ذلك، أخى المواطن أختى المواطنة، سيذهب سُدىً فى حالة واحدة فقط: اثبت مكانك… أيا كانت الخسائر… اثبت مكانك. الثبات والشجاعة ليسا طريقنا للنصر، وإنما هما النصر ذاته. هكذا ينكسر العدو ومن خلفه، ويخسر كل ملياراته التى ينفقها لإرهابك.
اثبت مكانك. «كلامك ما بيتفهمش.. إحساسك ما بيتوصفش» ولا يفهم الراكنون إلى الدعة، والانتخابات، والصبر، والإعلام الفاسد، ما الذى يدفعنا لأن نفعل ذلك بأنفسنا.. ونحن بدورنا لا نفهم لماذا لا يفهمون؟ فقراء الثوار ليسوا بلطجية.. ولا ينزلون إلى الشارع ويواجهون الرصاص بحثا عن زيادة فى الدخول، ولا أملا فى تقاضى مبالغ زهيدة، وهى زهيدة حتى إن بلغت المليون يورو… كم تساوى أرواحهم، وأعينهم، وحريتهم، وأعراضهم؟ وليس بمستبعد على الفقير أن يعطى الكرامة الأولوية على لقمة العيش.. ذلك لأنه إنسان، وفقره لا يعنى أنه تحول إلى حلوف عدم اللا مؤاغزة.. وإن كان بعض، أو كل، من هم فى السلطة ومن يديرون إعلام التطبيل والصاجات، قضوا حياتهم فى إذلال أنفسهم من أجل المال والمكاسب، فنحن إذ نفهم أنهم نموذج من البشر، نرجو منهم أن لا يستخدموا حقارتهم كمقياس للحكم على الفقراء الذين يضحون بأرواحهم فقط ليحترموا أنفسهم، وينسحب هذا الكلام على ادعاءاتهم بأن الميسورين من الثوار يتلقون تمويلات أجنبية.. ما هو مش عشان أنت شحات بتمد إيدك للمعونة، وللسعودية، وللإمارات، ولقطر، وللكويت، يبقى كل الناس شحاتين زيك يا شحات… فيه مخاليق فى الدنيا دى عندها كرامة وربنا، ولا ولن تقبل الاستبداد، والإذلال، والقمع. سرنا فى طريق ولن نرجع فيه، وليس لدينا رفاهية التردد، أو الخوف، أو حساب الحسابات… الخوف هزيمتنا، والتردد مقتلنا، وإن حسبنا الحسابات فكيف سنعود لنحترم أنفسنا مرة أخرى بعد أن دفنا أصدقاءنا؟ اثبت مكانك. «أنا اللى ثابت مهما قالوا ومهما زودوا الأسى» ومن ركن إلى الخوف والدعة وحسب الحسابات، يداه ملطختان بالدماء، يخجل من نفسه، فيواجه عاره بالتبريرات التى تزيده صغارا على صغار. يرى الحجارة فى يد الأطفال ويتجاهل الرصاص الحى، يرى السباب فى أفواه الثوار ويتغاضى عن ضابط يتبول على آله وذويه، ذلك سبيله الوحيد لوضع رأسه على الوسادة وهو يردد: «أنا ما بانزلش عشان البلطجية وقلة أدب الثوار» طب احنا قلالات أدب فعلا… وأنى لنا أن نهزم العدو الذى يتبول علينا سوى بأن نهز هيبته بالسباب؟ وأنى لنا أن نثبت مكاننا أمام الرصاص الحى سوى بالحجارة؟ اخجل من نفسك.. أنت تتحدث بمنطق إسرائيل التى لا ترى جثامين الأطفال المحترقة بالفسفور وترى «انتهاك الفلسطينيين لبراءة الأطفال بتدريبهم على المقاومة» احترم نفسك إن كنت تريد ذلك.. وإن أبيت فدعنا نحترم أنفسنا… ونثبت مكاننا، واكفنا تثبيطك وتخذيلك.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire