mardi 7 février 2012

علاء الأسواني يكتب: أربع مكالمات في مستشفى فاخر

71

هو مريض مسن تجاوز الثمانين من عمره المديد وهو، بلا مبالغة ، يرقد في أفخم مستشفيات مصر . انه يشغل وحده دورا كاملا من المستشفى تم فتح حجراته جميعا ليكون بمثابة جناح ملكي مجهز بكل وسائل الراحة . . وسائل الاتصال الحديثة جميعها متوفرة وحجرة المكتب فسيحة والحمام فخم بجواره بانيو جاكوزي يجلس فيه المريض كل ليلة عاريا بينما زخات الماء الساخن تنهمر على جسده من زوايا مختلفة حتى يسترخي تماما قبل أن يأوى الى الفراش .. المريض لا يحب القراءة لذلك يوزع وقته بين مشاهدة التليفزيون العملاق الموضوع في حجرة الاستقبال وبين الاتصالات التليفونية مع أحبائه وأصدقائه .. بالأمس أجرى المريض أربع مكالمات تليفونية كانت كما يلى :

المكالمة الأولى ( مع رجل صوته أجش ) :

الرجل ــــ صباح الخير يافندم .. سيادتك عرفت اللى حصل في بورسعيد

المريض ــــ أنا حزين على الشباب اللى راح ..

الرجل ــــ يستاهلوا يافندم . مش هم عمالين يشتموا في الشرطة وعاوزين يعدموا الضباط الأبطال اللى كانوا بيدافعوا عن الأقسام .. خليهم يشربوا .. ولسه يا ما حيشوفوا ..دلوقت العصابات بتهاجم البنوك وتخطف السياح وتقتل الناس في عز النهار . عشان يعرفوا ان ضباط الشرطة أسيادهم

المريض ــــ عندك حق .. الشعب مشي وراء المخربين ودى النتيجة ..

الرجل ــــ يا فندم .. الناس كلها دلوقت كلها بقت تترحم على يوم من أيامنا .

المريض ــــ بعد ايه ..؟! بعد فوات الأوان ...؟! انت اخبارك ايه ..مبسوط

الرجل ـــــ سيادتك عارف ان مدير السجن من تلاميذى . خدم معى في أمن الدولة لما كان ضابط صغير . الحقيقة الرجل حافظ على العشرة ومش مقصر في حاجة .

المريض ــــ والله رجل أصيل

الرجل ــــ مدير السجن من لطفه وكرمه الأسبوع اللى فات .. وافق لي اني أجيب ماكينة جيم أجرى عليها كل يوم الصبح .. سيادتك عارف أنا أحب أحافظ على صحتى

المريض ـــ أيوه يا أخويا .. زمان كنت متجوز ثلاث نسوان . دلوقت هتعمل ايه في السجن..؟

الرجل ــ حتفرج باذن الله ( يضحكان )

المريض ــــ بركة انى اطمنت عليك . ايه حكاية تطهير الشرطة دي ..؟

الرجل ـــ كلام فارغ يافندم .. المفروض انهم يطهروا البلد من العيال الممولين الخونة اللى خربوها . الشرطة كلها جهاز متماسك لو عملوا حاجة فيها هتطربق على دماغهم . اللى مضايق العيال بتوع التحرير ان قيادات الشرطة كلها لازال ولاؤها للشرعية .ـ ضباط الشرطة كلهم مالهمش نفس يشتغلوا عشان الهجوم عليهم في الاعلام تعب نفسيتهم . خلاص . هم مش عاجبهم الشرطة خليهم يحموا نفسهم بنفسهم .

المريض ـــ لكن أنا قريت انه فيه ضباط شرطة عاملين ثوار وشكلوا ائتلاف وبيطالبوا بالتطهير

الرجل ـــ دول عدد من الضباط الحاقدين على زملائهم الأكفأ منهم . الأهم ان القيادات كلها معانا

المريض ــــ أنا فخور بقيادات الشرطة . ربنا يحميهم . وضباط أمن الدولة أخبارهم ايه..؟!

الرجل ـــ بيبعتوا لسيادتك السلام وبيدعوا لسيادتك بكل خير

المريض ــــ الواحد من أمن دولة بميت رجل

الرجل ــــ لي رجاء عند سيادتك يافندم ..ـ النهارده احنا مجهزين في السجن أكلة حمام محشي و احنا عارفين ان سيادتك بتحب الحمام المحشي .

المريض ــــ يابن الايه . عرفت منين ..؟ ( يضحكان )

الرجل ــــ يافندم دى شغلتي .احنا قررنا اننا لا يمكن نأكل الحمام من غير ما سيادتك تأكل معنا .. تسمح لي أبعث لك من خير سيادتك أكلة حمام

المريض ــــ أشكركم . أنا فعلا بأحب الحمام المحشي لكن المشكلة انه بيرفع الضغط

الرجل ـــ يافندم سيادتك ممكن تقول للدكتور وهو يزود لسيادتك الدواء .أنا ضغطى عالي والدكتور قال لي آخذ قرص ترايتيس وقرص ناتريليكس وبعدين آكل حمام زى ما أنا عاوز .. أرجوك يافندم ما تكسفناش .. احنا هنبعت الحمام مع السواق حالا

المريض ــ طيب ياسيدي كثر خيركم .

الرجل ـــ السلام عليكم

المريض ـــ عليكم السلام

المكالمة الثانية ( أجراها المريض مع سيدة تتحدث بانفعال ) :

المريض ــــ أهلا يا حبيبتي ..أخبار روما ايه ..؟!

السيدة ــ بص أنا مش هاأطول عليك . لازم أرد على السمسار الايطالي

السيدة ـــ القصر بتاعنا في روما عرضناه للبيع ، زى ما اتفقنا ، لكن للأسف جايب لنا ثمن أقل حوالي 20 % من سعر السوق . انت عارف الطلاينة شاطرين ولما بيعرفوا ان القصر بتاعك بيفتكروا أنك في أزمة فبيحاولوا يستفيدوا ويقللوا السعر

المريض ــــ قولي لهم انهم فاهمين غلط .أنا مش في أزمة ولا حاجة . لو القصر أو أى ممتلكات تانية فضلت باسمي ولا حد يقدر يعمل لي حاجة ..قولي لهم اني بأبيع عشان محتاج سيولة للشركات بتاعتنا .

السيدة ــ أنا شرحت لهم لكن المشتري مصر على السعر القليل .. أبيع ولا لأ ..؟!

المريض ـــ لا طبعا .

السيدة ـــ أنا قلت كده برضه .. أنا هأبلغه بالرفض ونتمسك بالسعر المطلوب . أكلمه وأرجع لك . أوكيه ؟!

المكالمة الثالثة ( مع رجل أجنبي يتحدث الانجليزية بلكنة ثقيلة ) :

الأجنبي ـــ مساء الخير يا سيدي

المريض ـــ مساء الخير أين أنت يا صديقي العزيز ..؟!

الأجنبي ـــ أنا دائما أفكر فيك . لكنى لا أحب أن أزعجك .

المريض ـــ لا أستطيع أن أصف مشاعرى نحوكم . لقد أثبتم أنكم أصدقاء أوفياء بمعنى الكلمة

الأجنبي ـــ وأنت أيضا صديق مخلص. لن ننسى مواقفك الكثيرة العظيمة في خدمة دولتنا . لقد حاربت معنا الارهاب وكنت حريصا على حياة شبابنا . أنت صديق الى الأبد .لكننا انزعجنا لأنك بعثت رسالة الينا تبلغنا فيها أن حياتك مهددة

المريض ــــ أنا خائف على نفسي لأن الحالة في مصر مضطربة .لايمكن التنبؤ بما يحدث

الأجنبي ــــ لقد اتصلت برجالنا في الادارة الأمريكية وأخبروني أن الاتفاقات التى عقدوها ستظل سارية . لا يمكن أن يحدث لك شيء سيء أبدا .. هذا تعهد منا ومن الادارة الأمريكية .

المريض ــــ لا أجد الكلمات الكافية لكي أشكركم

الأجنبي ـــ نحن نؤثر أيضا في دول الخليج عن طريق الادارة الأمريكية ..

المريض ــ كيف ..؟

الأجنبي ــ كانت هناك حكومات خليجية تريد أن تدفع مساعدات للحكومة المصرية . لكننا دفعنا الادارة الأمريكية للضغط على ملوك الخليج حتى أوقفوا المساعدات .

المريض ـــ تصرفكم حكيم كالعادة

الأجنبي ــ لا يمكن أن نسمح بمساعدة مصر قبل أن نتأكد من نواياها نحونا . .

المريض ـــ كل من يرفض صداقتكم اما متطرف أو جاهل

الأجنبي ــــ ليتهم يتعلمون منك ياسيدي . حسنا .. مرة أخرى . أرجو أن تطمئن تماما على حياتك وسلامتك . يوم سعيد

المريض ــــ أشكرك . أبلغ زملاءك امتناني العميق

المكالمة الرابعة ( مع رجل يبدو من صوته أنه عجوز ومرهق ) :

الرجل ــــ أهلا يا فندم . ازاى الحال .. أنا عارف اني مقصر . متأسف

المريض ـــ أنا مقدر ظروفك ربنا معك .شد حيلك

الرجل ـــ والله يا فندم الموضوع صعب جدا . الشعب المصري باين عليه تجنن. الناس هاجت ومش عاوزه تهدى خالص .

المريض ـــ أنا متابع ومستغرب زيك ..هم دول المصريين ولا ده شعب تاني ...؟! الغريب انهم بقالهم سنة عايشين في خراب ورغم كده لسه بيسمعوا كلام المخربين

الرجل ــــ يا فندم أنا يوم 25 يناير حصلت لي صدمة . ملايين الناس يافندم في كل المحافظات نزلت تؤيد الثورة . ثورة ايه وهباب ايه . البلد خربت

المريض ـــ خلاص خليهم براحتهم . هم اللى اختاروا الفوضى . بس اوعوا تسمعوا كلام العيال دى . دول مخربين وعاوزين يوقعوا الدولة . اياكم تغيروا حد في الشرطة و القضاء و الاعلام ولا في أى وزارة . كل دى كفاءات لو استغنيتم عنها لا يمكن تعوضوها .. بالذات النائب العام . اياكم تغيروه . لايمكن تلاقوا واحد زيه أبدا .

الرجل ــ اطمئن يافندم . احنا سايبينهم يتكلموا . انما ما فيش حاجة هتتغير

المريض ـــ هم عاوزين ايه .. شالوا رئيسهم وحاكموه . مش عاوزين ديمقراطية وانتخابات نزيهة ..؟!. اهى جابت لهم الاخوان . عاوزين ايه تاني

الرجل ـــ اطمئن يا فندم . احنا مسيطرين تماما

المريض ـــ وبعدين ايه اللى حصل في مجلس الشعب ده . كلام بعض النواب قلقنى فعلا . انتم مش اتفقتم مع الشيخ حسن .. هو رجع في كلامه ..؟!..

الرجل ــــ لأ يا فندم الشيخ حسن هينفذ اتفاقنا وكل شيء تمام . بس هو شرح لي انه عنده أعضاء كثيرون ما يعرفوش حاجة عن اتفاقنا كما أن عنده شباب متحمس لازم يسيبهم يتكلموا ويريحهم .

المريض ــ البلد باظت . كل من هب ودب بقى زعيم

الرجل ـــ سيادتك اطمئن . في الآخر القرار في يدنا واللى بنقوله هو اللي يتنفذ . ما فيش أى حاجة هتتغير . مصر هتفضل زى ما هي . . اللى عاجبه عاجبه واللي مش عاجبه يورينا يقدر يعمل ايه .

المريض ــ عندك حق . الناس دي لازم تأخذوها بالشدة . اللى يقرب من وزارة الداخلية أو الدفاع اضربوه بالرصاص . اوعوا تسيبوا المحرضين . فيه كم كاتب وكم واحد عامل لي زعيم وكم اعلامي . دول اللى بيهيجوا الناس . أنت أكيد عارفهم

الرجل ــ عارفهم يا فندم وحسابهم قريب وعسير

المريض ـــ لازم تعاقبوهم لكن الأهم انكم تفضحوهم عشان الناس تعرف حقيقتهم .قل لضباط أمن الدولة يشتغلوا عليهم .

الرجل ـــ ما فيش خطوة بنأخذها الا بتنسيق مع أمن الدولة

المريض ــ ربنا يوفقكم ..

الرجل ــ أى خدمة سيادتك

المريض ــ ابقى اسأل على وما تغيبش

الرجل ــ تحت أمرك يا فندم

عزيزي القاريء هل تستطيع أن تعرف من هو المريض ومن هم الأشخاص الذين تحدثوا معه هاتفيا . اذا عرفت الاجابة الصحيحة برجاء التفضل بارسالها وسوف تفوز بهدية قيمة .

الديمقراطية هي الحل

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire