samedi 25 février 2012

وائل جلال : من قال لا

140

حول دائرة مستديرة ملطخة بالدماء يلتف الآلاف... وتعلوا الأصوات في طلب المزيد من الدماء ليرتوي العطاشى ، وكلما سقط جثمان مصارع قتيل على الأرض يطلب المشجعون من الراعي المزيد من الدماء ....وفي زهو الراعي يرفع الإمبراطور أطراف يده في إستكبار ليلبي طلب العطاشى للدماء ويأمر بالمزيد من الأرواح المهدرة .

هكذا كانت تدار حلبات المصارعة الرومانية ....

رغم وحشية المشهد إلا أنه كان يلبي طلب المقهورين وأيضا يثبت شرعية وقوة الإمبراطور ....

فالبسطاء كانوا يرون في القاتل قوتهم المفقودة ويرون في القتيل ضعفهم الذي يتمنوا أن يتخلصوا منه ولكن لا يستطيعون فيسعدوا بقتل صورته ، أما الإمبراطور فكان يلهي المقهورين والبسطاء بهذه المصارعة وأيضا ليعبر عن قوته أمام شعبه وليزيد الهوة بين قدرته وضعف البسطاء .

وبقيت عروض الموت رغم الأموال الباهظة التي كانت تكلفها هذه العروض والتي كانت تأتي بنهب خيرات الشعوب من داخل وخارج الإمبراطورية إلى أن إنهارت الإمبراطورية الرومانية على يد القبائل القوطية والوندالية المتوحشة التي نهبت آثار روما ومسارحها بما في ذلك مبنى " الكولوسيوم " أشهر المدرجات الرومانية القديمة .

هل إنتهت حقا تلك العروض ؟

هل إرتوي العطشى من الدمــــــاء ؟

هل اكتفى الإمبراطور من الزهو وفرض هيمنته ؟

قد تكون الإجابة بنعم لو كان سؤالي عن الشكل الذي كان يصور في الأفلام ، ولكن...

لو رجعنا عبر كتب التاريخ إلى أن نصل ليومنا هذا تجد أن تلك العروض لم تنتهني ولم تنقطع على مر العصور وتقام في كل بلد على ظهر الأرض ولا أغالي أن قلت أنها تقام في كل قرية وفي كل مؤسسه بالدولة، ويستثنى من هذا بعض الأماكن في أوقات مسروقة من زمن العدل الغائب....

واليوم....

يحاول كل أمير أو حاكم أو رئيس في كل دولة أن يقيم عرض جديد لعبيده حتى يسخروا من أنفسهم على أنفسهم ، أما عن الإمبراطورية العظمي فتحاول إيجاد وسيلة أخري تلهي بها الفقراء بعد آخر عرض وكان آخر عرض في العراق ومن قبله أفغانستان ، ولكن القائمين على إدارة هذه الإمبراطورية لا يريدون أن يتنازلوا عن بعض مكتسباتهم حتى يقيموا عرض جديد ...فيحاولوا أن يجدوا ممولين جدد حتى لو جاء التمويل بالإكراه ...وجاءت لهم بعض التمويلات المؤجلة والتي وقع عقدها في الأراضي الليبية ، إلا أن النهاية بدأت كتابتها وستنتهي عن قريب قوة تلك الإمبراطورية كما أنتهم التي قبلها ... لتبدأ أخري .

تلك العروض....

تلك العروض لم تنقطع ولن...

لن تنقطع مادام هناك من العبيد يهلل لسفك دماء المتصارعين من العبيد ...

لن تنقطع مادام هناك من يستطيع أن يغيب العقول ويستبيح الأعراض ويجد من يطلب المزيد ...

لن تنقطع مادام العبيد يصنعون الفرعون ثم ينكسون رؤوسهم يطلبون الحياة ...

ولكن...

يتشكل الآن عبر مناطق متفرقة من يحاول أن يرفعه رأسه من العبيد ليطالب بفك أسره من العبودية للفرعون ، رغم إختلاف الألوان وإختلاف اللغات ورغم كل أنواع الإختلافات إلا إنه بدى الآن بزوغ أتبــــاع " سبارتكوس " في تونس ومصر وأمريكا وأسبانيا وإيطاليا واليونان والمانيا وإنجلترا وفرنسا وروسيا و.... وقريباً في قطر والسعودية والأردن والمغرب والجزائر و...

تبقى هنا بعض الأسئلة :

أين نحن ؟

أنقبل أن نكون ضمن المشجعين ؟

أم أننا نوافق أن نكون من بين المتصارعين ؟

أم ننضم إلى " سبارتكوس " ؟

فينا الأمراء ... وفينا العبيد ... وسيكبر " سبارتكوس "

من قال لا ...لم ...يمت

141

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire