mercredi 1 février 2012

إبراهيم عيسى يكتب: لماذا لا تدافع الـ78% عن حقها؟

 


المفارقة أن المظاهرات الضخمة، التى اتجهت إلى مجلس الشعب تطالب بتسليم السلطة إلى رئيس البرلمان، يواجهها شباب وأعضاء الإخوان بالحجز والضرب والمنع، فى مشهد مزرٍ يذكرك بصدامات شباب القمصان الخضر والزرق بين الوفد والإخوان قبل الثورة.

عموما، يبقى أن الإخوان يتعاملون بعنف ضد فكرة تسليم السلطة مؤقتا لواحد منهم، وهو ما يؤكد الدليل الواضح على صفقة بين الإخوان و«العسكرى»، لا يستطيع الإخوان التخلى عنها حتى ولو بالتعامل الهادئ مع مظاهرات تطالب بتسليم السلطة مؤقتا تقريبا لهم.

الحل الأفضل والأكثر ولاءً للثورة وإنجاحًا لمطالبها والأسلم لمصر ومستقبلها هو ما طرحه الدكتور محمد البرادعى، ولذا فإن أحدا لن ينفذه، ولهذا فإن المجلس العسكرى سوف يعادى هذا الحل تماما، والإخوان المسلمون سوف يرفضونه بكل قوة، لأنه الأفضل، ثم لأنه جاء من الدكتور البرادعى.

لكن ما الحل الذى طرحه البرادعى؟

هو حل برائحة النجاح التونسى، رئيس مؤقت لمدة عام ينتخبه البرلمان، وخلال العام تتم كتابة الدستور، وكذلك تحقيق مطالب الثورة وأهدافها بإعادة هيكلة الداخلية والإعلام والقضاء، وإقامة ما عرفته كل دول العالم عقب الثورات وهى العدالة الانتقالية.

الحل مكفول بالنجاح، بدليل تونس، وهو يعوّض كل العشوائية والارتجالية التى غطَّسنا فيها المجلس العسكرى خلال العام الماضى، ومع ذلك لن يتم الاستماع إليه ومناقشته ولا اعتباره أى أهمية.

ليه؟

سأقول ليه بعد قليل!

استدعى قائد الحرس الجمهورى (الذى كان مسؤولا عن حراسة مبنى التليفزيون فى 28 يناير 2011) مدير أمن التليفزيون ومدير الإدارة الهندسية فى المبنى وكذلك مسؤولى الاستوديوهات، ليسألهم فى لقاء متوتر وعاصف: لو نجح المتظاهرون فى اقتحام التليفزيون فكيف نمنع الدكتور محمد البرادعى من دخول الاستوديو وإذاعة بيان الثورة؟

إلى هذا الحد كان مبارك ورجاله مرعوبين من البرادعى؟

من اللحظة الأولى لثورة يناير ونظام مبارك يتعامل مع البرادعى باعتباره رمزها وقائدها، ولعلى أذكركم أن هجوم النظام وأجهزته وأبواقه ومنافقيه فى الإعلام الحكومى والخاص والشخصيات العامة، التى كان يتم -ولا يزال- تأجيرها للتهجم على المعارضين، كان مُركّزا على البرادعى، كما أن البلطجية من مؤيدى مبارك فى «موقعة الجمل» كانوا منذ لحظة خروجهم من مصطفى محمود وحتى هجومهم على المتظاهرين فى ميدان التحرير يهتفون ضد الدكتور محمد البرادعى بشتائم يَنْدَى لها الجبين، ولا تخص أى خلاف سياسى، بل هى أشبه بشتائم سوقة وبلطجية فى مواجهة رجل شريف (تخلو طبعا من الخيال وخفة الظل التى كانت تتصف بها الهتافات ضد مبارك!).

إذا كان نظام مبارك عدوًّا غير شريف فى مواجهة البرادعى، فما الذى جعل المجلس العسكرى يتخذ نفس حالة العداء للرجل وشغل ضده آلة العسكرى الحكومية والإعلامية والمؤجرة من الشخصيات نفسها، للتهجم على الرجل والطعن فى وطنيته وفى مواقفه؟

ثم لماذا كذلك تقف جماعة الإخوان ضده بخصومة غريبة وبانقلاب عجيب بين أن يزوره الدكتور سعد الكتاتنى والدكتور عصام العريان فى منزله ليلة جمعة الغضب للتنسيق والمشاورة، وبين أن يقول عنه مرشد الإخوان إنه لم ينزل إلى الشارع والمظاهرات، رغم أن مرشد الإخوان نفسه لم يغبِّر قدمه بتراب الشارع، ولا نزل فى أى مظاهرة ضد مبارك أو حتى مع الثورة، بينما يعتب على البرادعى عدم نزوله، وهو الذى وقف فى جمعة الغضب فى قلب ميدان الجيزة يتلقى الضرب بالغاز والدخان ومدافع المياه الكبريتية، وكان هو نفسه الذى نزل ميدان التحرير فى ليالى احتدام الثورة، وكانت صورته فى الميدان فى اليوم التالى الصورة الرئيسية لأكثر من مئة صحيفة من كل أنحاء الكون!

لاحظ نحن نكتب هذه السطور وقد قرر الدكتور البرادعى عدم ترشيح نفسه للرئاسة، ترفعا وتعففا عن دخول معركة بلا ضابط ولا رابط ولا معايير ولا دستور (..) وتمتلئ بدعاوى البغض والكراهية والجهل كذلك!

ولأن البرادعى شخصية قوية، وعقلية مختلفة، وروح مستقلة، لا يمكن الضغط عليه، ولا يمكن أن يقبل العمل سكرتيرا عند الإخوان والمجلس العسكرى، فإنهم يرفضون أفكاره رغم أنها الحل!!

وبمناسبة رفض «العسكرى-إخوان» حل البرادعى، ورفضه كذلك حل نقل السلطة إلى رئيس مجلس الشعب ليكون رئيسا مؤقتا للبلاد، دعونى أذكركم بالمادة التى قال لها نعم ونعمين كذلك قرابة ثمانية وسبعين فى المئة من الشعب المصرى فى الاستفتاء.

«ولكل من رئيس الجمهورية، وبعد موافقة مجلس الوزراء، ولنصف أعضاء مجلسى الشعب والشورى، طلب إصدار دستور جديد. وتتولى جمعية تأسيسية من مئة عضو، ينتخبهم أغلبية أعضاء المجلسين غير المعينين فى اجتماع مشترك، إعداد مشروع الدستور فى موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض رئيس الجمهورية المشروع، خلال خمسة عشر يوما من إعداده، على الشعب لاستفتائه فى شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه فى الاستفتاء».

إذن هى مادة واضحة جدا حصلت على الأغلبية تحتم إجراء انتخابات الرئاسة قبل الدستور.

فلماذا لا يهب الآن الثمانية والسبعون فى المئة من الشعب ليطالبوا «العسكرى» والإخوان باحترام الاستفتاء؟!

الدستور  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire